كأنه قال : لتدعي ولا أدع.
واعلم أن (لما) معناها (لم) ، وجزمها كجزمها ، إلا أنها تزيد على (لم) بتطويل زمان ، تقول : ندم زيد ولم تنفعه الندامة أي : ما نفعته عقب ندمه وإن قال : ولما تنفعه الندامة ، أي إلى وقته وما بين (لم) و (لما) كما بين" فعل" و" قد فعل" فلم" نفي فعل ، " ولما" : نفي قد فعل تقول : جاءني زيد ، فيقول الراد : لم يجئ ، ويقول : جاء زيد وقد أعتم ، فيقول : جاء زيد ولما يعتم و (قد) و (لما) جميعا في موضع الحال من زيد. فلو قال : ولم يعتم ، لم يحسن كحسن و" لما يعتم" ، ومن أجل زمان" قد" و" لما" جاز حذف الفعل منهما ، كقولك : ندم زيد وقد نفعته الندامة وندم غيره ولما.
وتقول في" قد" : (أزف الشخوص .... وكأن قد)
قال النابغة :
* لما تزل برحالنا وكأن قد
أي : قد زالت.
هذا باب وجه دخول الرفع في هذه
الأفعال المضارعة الأسماء
مذهب سيبويه أن الفعل يرتفع بوقوعه موقع الاسم ، وهو عنده سبب رفعه لأن وقوعه موقع الاسم عامل غير لفظي فمنزلته منزلة الابتداء في أنه عامل غير لفظي لا في أنه واقع يرتفع بالابتداء ورأى أفعالا ترتفع في مواضع لا يقع فيها الاسم ، فبين أن تلك المواضع في الأصل تقع فيها الأسماء ، وأنه عرض فيه معان اختاروا من أجلها لزوم الفعل وترك الأصل.
فمن تلك المواضع : هلا يقول زيد ذاك ، ، والأصل : يقول زيد ذاك ، ثم قال قائل : لا يقول زيد ذاك ، فينفي ثم يقول فيحضض السامع على القول فيجعل مكان" لا"" هلا".
ولما كانت" هلا" وأخواتها للتحضيض ، ومعناهن معنى الأمر ـ ذكر الفعل لئلا يزول معنى التحضيض والأمر ، والموضع موضع الابتداء.
ومثل ذلك : ما أحسن زيدا." ما" : مبتدأة ، وأحسن" : فعل ماضي في موضع الخبر ، وخبر الابتداء في تقديم الاسم لأنه شيء هو المبتدأ.
ونحن لا نقول : ما محسن زيدا ، لأن ، أحسن" فعل ماضي يدل على استقرار يحسن فيه الذي ـ باستقراره فيه ـ يستحق التعجب ، و" محسن" لا يدل على ذلك.
وقوله : " ائتني بعد ما تفرغ"
" ما" موصولة بتفرغ ، ويجوز وصلها بالابتداء والخبر كقولك :
" ائتني بعد ما زيد أمير" ، قبلها الاسم والخبر ، ويليها الفعل فلذلك لم تنصب الفعل كما