الأجود في يغضب : الرفع ، وهو في صلة الذي عطفا على موضع ليس ، وتقديره : الذي لا ينفعني ويغضب منه صاحبي ، وعطفه على موضع" لا" ، وهذا قريب التناول صحيح المعنى.
والنصب متأول ، ومعناه في الظاهر : غير صحيح ، لأنك تقدره معطوفا على الشيء وليس الشيء بمصدر ظاهر فيسهل عطفه عليه وعطفه عليه يوجب حمله على اللام ، واللام في صلة" قؤول" ، فيصير التقدير : ما أنا بغضب صاحبي بقؤول ، والغضب لا يكون مقولا ، ولكن حمله على الجواز ، وتقديره وما أنا للقؤل الذي يوجب غضب صاحبي بقؤول.
ورد المبرد على سيبويه تقديمه النصب على الرفع.
ولم يقدم سيبويه النصب من أجل أنه مختار عنده ، ولكن الباب للنصب دون الرفع ، فإنما قدم ما يقتضيه الباب وما القصد إلى ذكره فيه.
وأنشد لقيس بن زهير :
* فلا يدعني قومي صريحا لحرة |
|
لئن كنت مقتولا ويسلم عامر (١) |
فرفعه على أن الواو واو حال كأنه قال : وعامر هذه حاله.
والنصب في يسلم أجود ؛ لأن معناه : لئن كنت مقتولا مع سلامة عامر ، فلا ينسبني قومي إلى حرة. والصريح : الخالص النسب.
هذا باب أو
اعلم أن أصل (أو) العطف حيث كانت ، ومعناها : أحد الأمرين وهذا وجهها المعروف. ولها وجه آخر : وهو أن يخالف ما بعدها ما قبلها ، ويكون معناها ـ مع ما بعدها ـ معنى : " إلا أن" ، ويكون الفعل الذي قبلها كالعام في كل زمان والثاني كالمخرج من عمومه ، ولذلك صارت ـ بمعنى" إلا أن".
ألا ترى أن قولك : لألزمنك ، متضمن للأوقات المستقبلة ، فإذا قلت : " أو تقضيني حقي" فقد أخرجت بعض الأوقات المستقبلة من ذلك التضمن ، صار التقدير ، لألزمنك إلا الوقت الذي أوله قضاؤك لحقي. واجتمعت" أو" و" إلا" في هذا المعنى للشبه الذي بينهما في العدول كما أوجبه اللفظ الأول ، وذلك أنا إذا قلنا" جاء القوم إلا زيدا" ، فاللفظ الأول قد أوجب دخول زيد في القوم لأنه منهم.
فإذا قلت : " إلا" فقد بطلت ما أوجبه الأول. فإذا قلت : " جاءني زيد أو عمرو" ، فقد وجب المجيء لزيد في اللفظ قبل دخول" أو" فلما دخلت بطل ذلك الوجوب ، ولهذا المعنى
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢٧ ، شرح النحاس ٢٨٠ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٦٩ ، ٤ / ٣٧٣ ، شرح ابن السيرافي (٢ / ٢٠٣ ، ٢٠٤) الرد على النحاة ١٢٩ ، همع الهوامع ٢ / ١٦.