احتيج إلى تقدير الفعل مصدرا ، وعطف الثاني عليه. وكذلك التقدير على ما مضى في الفاء.
وأنشد لامرئ القيس :
* فقلت له : لا تبك عينك إنما |
|
نحاول ملكا أو نموت فنعذرا (١) |
فنصب على معنى : إلا أن نموت.
وأنشد لذي الرمة :
* حراجيج لا تنفك إلا مناخة |
|
على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا (٢) |
الحراجيج : الطوال من الإبل ، واحدتها حرجوج ، والخسف : الإذلال والهوان. والخسف أيضا : أن تبيت على غير علف.
وكان الأصمعي يخطئ ذا الرمة في قوله : " إلا مناخة ، لأنه لا يقال : ما انفك زيد إلا قائما" ، كما لا يقال : " ما زال زيد إلا قائما. لأن معنى ما زال : الإيجاب ، فلا يدخل عليه إيجاب.
ولقول ذي الرمة وجهان :
أحدهما : أن يكون" تنفك" بغير معنى" يزال" ويكون من : " انفك" من الشيء : إذا انفصل منه ، كما يقال : فككت الغل عنه فانفك منه ويجوز دخول الاستثناء في هذا الوجه.
وتقول : ما انفك زيد إلا بعد شدة ، فيكون التقدير : لا تنفك من الشدة والسير إلا مناخة على الخسف ، كما تقول : ما انفصل زيد من الشيء إلا مجهودا.
والوجه الثاني : أن يكون" على الخسف" ، خبر" ينفك" ، وإلا مناخة : استثناء مقدم ، كأنه قال : لا تنفك مجهودة ، أي لا تزال مجهودة إلا في حال إناختها ، فإنها تستريح إذا أنيخت.
وفي رفع" نرمي" وجهان :
أحدهما : أن يكون معطوفا على خبر" ينفك" ، وهو" على الخسف" ، كأنه قال : لا تزال على الخسف أو تزال ترمي بها بلدا قفرا.
ويجوز : أن يكون على الابتداء ، أو نحن نرمي بها بلدا قفرا.
وأنشد لزياد الأعجم :
* وكنت إذا غمزت قناة قوم |
|
كسرت كعوبها أو تستقيما (٣) |
__________________
(١) ديوانه ٦٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢٧ ، معاني القرآن ٢ / ٧٠ ، المقتضب ٢ / ٢٨ ، شرح النحاس ٢٨١ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٧٤ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٥٩ ، الخصائص ١ / ٢٦٣.
(٢) ديوانه ١٧٣ ، الكتاب وشرح الأعلم ٤٢٨ / ١.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢٨ ، المقتضب ٢ / ٢٨ ، شرح النحاس ٢٨١ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٧٥ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٦٩ ، المقتصد ٢ / ١٠٧٧ ، شرح ملحة الإعراب ٢١٢.