وعلل أبو العباس البيت ، وذكر أن «أثال» معطوف على النون والألف في «يؤرقنا» فموضعه نصب.
وقال غيرهما : القول فيه غير هذا وهو أن «أثال» لم تحذف منه هاء ؛ لأنه ليس في الأسماء «أثالة» وإنما هو «أثال» ولم يعطفه على النون والألف في «يؤرقنا» على أنه يتذكر ؛ لأنهم لا يؤرقونه إلا وهو يذكرهم فنصب «أثالا» «بأذكرهم» الذي قد دل عليه «يؤرقنا».
والقول ما قاله سيبويه وسائر المتقدمين في جواز الترخيم على الوجهين في غير النداء ضرورة لعلتين :
ـ إحداهما : الرواية في قوله :
* وأضحت منك شاسعة أماما. (١)
ـ والثانية : القياس ، وذلك أن هذا الترخيم أصل جوازه في النداء ، فإذا اضطر الشاعر إلى ذكره في غير النداء أجراه على حكمه في الموضع الذي كان فيه ؛ لأن ضرورته أن ينقله من موضع إلى موضع.
ومما يدخل في حكم هذا الوجه الثاني من الترخيم ـ في أنه لا يجوز إلا في الشعر ـ أن يرخم الاسم فيبقى من حروفه ما يدل على جملته ، كقول علقمة :
* مفدّم بسبا الكتان ملثوم (٢)
أراد بسبائب الكتان.
وقال العجاج :
* قواطنا مكة من ورق الحمى (٣)
يريد : الحمام ، فرخمها. فيجوز أن يكون حذف الألف والميم من الحمام للترخيم الذي ذكرناه ، فبقي «الحم» فخفضه وأطلقه للقافية.
ويجوز أن يكون حذف الألف فبقى" الحمم" فأبدل من الميم الثانية ياء استثقالا للتضعيف كما قالوا : تظنيت.
ويحتمل أن يكون حذف الميم وأبدل من الألف ياء كما يبدل من الياء ألف في قولهم :مدارى وعذارى ، وإنما أصله مدار وعذار.
ـ والوجه الثالث من الترخيم : ترخيم التصغير وهو جائز في الكلام والشعر.
__________________
(١) هو لجرير بن عطية ، ديوانه ٢ / ٢٥٠ الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٤٤ ، نوادر أبي زيد ٣١.
(٢) المفضليات ٤٠٢ ، شرح السيرافي ٢ / ٦٢ ، الخصائص ١ / ٨٠.
(٣) ديوان العجاج ٥٩ ، شرح النحاس ٣ ، أمالي القالي ٢ / ١٩٩ ، شرح السيرافي ٢ / ٦٤.