صارت" إن" إذا جزمت اقتضت مجزوما بعدها ، لأنها بجزمها ما بعدها يظهر أنها تجزم : وجزمها يتعلق بفعلين ، فإذا لم يظهر جزمها في الثاني صارت بمنزلة حرف جازم لا يؤتى بعده بمجزوم ، فاعلم ذلك.
هذا باب الأسماء التي يجازى بها
وتكون بمنزلة الذي
اعلم أن هذه الأسماء التي يجازى بها المذكور في هذا الباب إنما يجازى بها إذا كانت مبتدأة في اللفظ غير واقع عليها عامل قبلها لأنها متضمنة لأن ، وأن تكون صدرا إذا جوزي بها ولا يدخل عليها عامل خافض ولا غيره ل (أن) إلا أن هذه الأسماء إذا جوزي بها قد تدخلها الأشياء الخافضة إذا كانت في صلة ما بعدها ، أو كانت مبتدأة في اللفظ ، وذلك للضرورة المؤدية إلى ذلك فيها ، تقول : " بمن تمرر أمرر به" ، و" على أيهم تنزل أنزل" ، " فالباء" و" على" ، موصولتان بفعل الشرط إلى الاسمين ، لأنهما فعلان متعديان بحروف الجر ، وحروف الجر لا تكون إلا قبل الأسماء متصلات بها فدعت الضرورة إلى تقديمها لذلك.
وأنشد سيبويه للفرزدق :
* ومن يميل أمال السيف ذروته |
|
حيث التقى من حفافي رأسه الشعر (١) |
" فمن" بمعنى" الذي" ، والفعل من صلتها ، وفيها معنى الشرط لإبهامها وإن لم يجزم بها. وذروة الشيء : أعلاه ، وحفافا الرأس : جانباه.
وأنشد للهذلي :
* فقلت : تحمل فوق طوقك إنها |
|
مطبعة من يأتها لا يضيرها (٢) |
في رفع يضيرها وجهان :
أحدهما : بإضمار الفاء وهذا الوجه لا خلاف في جوازه.
والوجه الآخر : يرتفع على التقديم كأنه قال : لا يضيرها من يأتها.
وقد خالف المبرد سيبويه في هذا وما أشبهه من التقديم وحجته أن المرفوع إذا وقع بعد الشرط ، فقد وقع في موضعه فلا ينوي به التقديم الذي ليس بموضعه كما لا يقال : " ضرب غلامه زيدا" ، و" زيدا" على نية : ضرب زيدا غلامه.
والجواب عن هذا أن الشرط على وجهين :
أحدهما : أن يكون المعتمد المقصود تقديم الشرط وإتباع الجواب له كقولك : " إن تأتني
__________________
(١) ديوانه ١ / ١٤٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٢٨ ، شرح النحاس ٢٨٨ ، شرح السيرافي ٤ / ٤١٣ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٨٢.
(٢) ديوان الهذليين ١ / ١٥٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٣٨ ، المقتضب ٤ / ٧٠ ، شرح النحاس ٢٨٨.