أراد : " إنه" ، فأضمر الهاء في" إن" وجازى" بمن".
وأجاز الزيادي : " إن من يأتنا نأته" على غير إضمار في" إن" وهذا لا يجوز لامتناع الجزاء من أن يعمل فيه ما قبله.
وأنشد سيبويه لأمية بن أبي الصلت :
* ولكن من لا يلق أمرا ينوبه |
|
بعدته ينزل به وهو أعزل (١) |
أراد : " ولكنه" ، فحذف الهاء وجازى" بمن".
يقول : من لم يعد لنوائب الزمان قبل نزولها ، ضعف عن دفعها إذا نزلت به. والأعزل : الذي لا سلاح معه.
وأنشد للراعي :
* فلو أن حق اليوم منكم إقامة |
|
وإن كان سرح قد مضى فتسرعا |
استشهد بالبيت لحذف الهاء في ما تقدم من الأبيات ، وأراد فلو أنه حق ، ولو لم يرد الهاء كان محالا لأن" أن" لا تعمل في الفعل.
والمعنى : أنه تمنى أن تكون منهم إقامة ، وإن كان" السرح" الذي يحمل على" الإقامة" قد ذهب مسرعا.
وأنشد في مثل هذا من الحذف :
* أكاشره وأعلم أن كلانا |
|
على ما ساء صاحبه حريص (٢) |
أراد : أنه كلانا حريص ـ ومعنى أكاشره : أضاحكه.
وباقي الباب مفهوم.
هذا باب يذهب فيه الجزاء من
الأسماء كما ذهب في إن وكان
وذلك قولك : أتذكر إذ من يأتينا نأتيه ، وما من يأتينا نأتيه.
أنكر المبرد على سيبويه منعه من الجزاء هنا وكراهيته له.
ولفظ سيبويه يدل على أن من قبله كره ذلك ، إما من النحويين وإما من العرب ، ولعلهم كرهوا ذلك من أجل أن" إذ" اسم للوقت ، وكان حقه أن يضاف إلى اسم واحد لا يقع بعده مجازاة ؛ لأنه يجر ما بعده ، وموضع المجازاة لا يكون مجزوما بما قبله ، ثم أجازه في
__________________
(١) ديوانه ٤٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٣٩ ، شرح السيرافي ٤ / ٤١٩ ، الإنصاف ١ / ١٨١ ، مغني اللبيب ١ / ٣٨٤.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٤٠ ، المقتضب ٣ / ٢٤١ ، شرح النحاس ٢٨٩ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٢٠ ، الإنصاف (١ / ٢٠١ ، ٢ / ٤٤٣) ، شرح المفصل ١ / ٥٤.