أراد : ولكن أنا أنفع متى ما أملك الضر ، وفيه قبح لأنه جزم الشرط وليس بعده جواب.
وهو في مذهب المبرد على حذف الفاء ، وقد تقدم مثله.
ولو روي بالجزم والكسر للقافية لجاز على الإقواء.
هذا باب إذا ألزمت فيه الأسماء
التي تجازى بها حروف الجر لم تغيرها عن الجزاء
قد تقدم القول في جواز هذا والعلة فيه.
وأنشد لابن همام السلولي :
* لما تمكن دنياهم أطاعهم |
|
في أي نحو يميلوا دينه يمل (١) |
فجازى" بأي" وجعل في وصلة للفعل المجزوم لها على الشرط ولم يجعلها وصلة للجواب ، لأن اسم الشرط لا يعمل فيه الجواب.
وأنشد لبعض الأعراب :
* إن الكريم وأبيك يعتمل |
|
إن لم يجد يوما على من يتكل (٢) |
في هذا وجهان : أحدهما : يعتمل على من يتكل عليه ، معناه أنه يحترف ويعمل بيديه على محتاج إليه أو عيال يتكل عليه إن لم يصب ما لا يعولهم به وينفق عليهم منه ، فكرمه يحمله على أن يعمل بيديه حتى ينفق عليهم منه.
والآخر : ما ذكره الزجاج وهو أنه جعل" عليه" بمعنى" عنده" وجعل الذي يعتمل إنما يعتمل على نفسه ، فإذا لم يجد عند من يتكل عليه شيئا ينفقه على نفسه وعياله اعتمل حتى ينفق ، والمعتمل في هذا هو المتكل وفي الأول هو المتكل عليه والقول الأول أصح.
وذهب المبرد إلى أن الكلام قد تم عند قوله : إن لم يجد يوما ـ وقوله : على من يتكل كلام مستأنف على جهة الاستفهام وليس في هذا القول محذوف يقدر.
وقول سيبويه أولى ، لأن الظاهر أنه كلام واحد فلا يرد بعضه عن بعض إلا بدلالة.
وحكى عن المبرد قول آخر ، وهو أن يكون قوله : إن لم يجد بمعنى : إن لم يعلم ويكون المعنى إن لم يعلم أعلى هذا يتكل أو على هذا؟
وباقي الباب مفهوم.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٤٢ شرح النحاس ٢٩١ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٣١ ، حاشية الصبان ٤ / ١٠ ، اللسان (مكن) ١٣ / ٤١٤.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٤٢ ، إعراب القرآن ٢ / ٤٤٠ ، مجالس العلماء ٦٥ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٣٢ اللسان (عمل).