ومن الحذف : قصر الممدود ، وكلهم مجمعون على جوازه غير أن الفراء يشترط فيه شروطا يهملها غيره.
زعم أنه لا يجوز أن يقصر من الممدود ما لا يجيء في بابه مقصورا نحو : حمراء ، وصفراء ، وكذلك : فقهاء وكرماء.
فلا يجوز عنده في الشعر أن يجيء مقصورا ، وإنما يجيز قصر الممدود الذي يجيء في بابه مقصورا نحو : الحداء والدعاء ؛ لأنه قد جاء البكى مقصورا. والبصريون مجمعون على منع مد المقصور.
فإن قال قائل : ما الفرق بين جواز قصر الممدود ومد المقصور؟
قيل له : قصر الممدود : تخفيف ورد إلى الأصل ومد المقصور تثقيل وليس براد له إلى أصل.
ومن الحذف : حذف النون الساكنة من نحو : «من» و «عن» ، و «لكن» لالتقاء الساكنين كما قال :
* ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل (١)
وإنما ذلك لأن النون تشبه حروف المد واللين مع أنهم قد يحذفون التنوين الذي هو علامة للصرف كما قرأ بعضهم : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١].
ومن الحذف : حذف الياء من المعتل في حال الإضافة ، ومع الألف واللام ، تشبيها بحذفهم إياها مع التنوين كما قال :
* كنواح ريش حمامة نجدية (٢)
ومن الحذف : حذف الياء والواو من هاء الإضمار في الوصل تشبيها بالحذف في الوقف كما قال :
ـ ما حج ربه في الدنيا ولا اعتمرا.
وربما اضطر الشاعر فحذف الحركة أيضا كقوله :
* ومطواي مشتاقان له أرقان (٣)
ومن ذلك حذفهم الواو الساكنة والياء إذا كان قبلهما ضمة أو كسرة تدلان عليهما كقوله :
__________________
(١) شرح النحاس ٥ ، الإنصاف ٢ / ٦٨٤ ، شرح السيرافي ٢ / ٧٠ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٩٥.
(٢) شرح الأعلم ١ / ٩ ـ ٢ / ٢٩١ ، شرح النحاس ٤ ، شرح السيرافي ٢٠٦.
(٣) الشاهد في المقتضب ١ / ٣٩ ـ ٧ / ٢٦٧ ، المسائل العسكرية ١٩٨ ، المنصف ٣ / ٨٤.