هذا باب الجزاء إذا أدخلت فيه ألف الاستفهام
اعلم أن ألف الاستفهام تدخل على الجمل وتدخل على العامل والمعمول فيه ، فلا تعمل شيئا ، فأشبهت واو العطف وفاءه.
فإذا قال القائل : مررت بزيد ، فقيل له : أزيد؟
فهذا الخفض محمول على الكلام الأول ، كما يحمل ما بعد حرف العطف على ما قبله.
وقوله : " ألا ترى أن الألف لغو".
يريد : دخولها بين العامل والمعمول فيه كدخول" ما" و" لا" في قوله عز وجل : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء : ١٥٥] وقوله : " فإن هذا الكلام معتمد لها".
يعني : ما بعد ألف الاستفهام من الشرط والجزاء معتمد لها كما يعتمد على الابتداء والخبر في قولك : أزيد منطلق؟ وكما يعتمد" الذي" في صلتها على الشرط والجزاء والابتداء والخبر ، فاعلم ذلك.
هذا باب الجزاء إذا كان القسم في أوله
اعلم أنك إذا أقسمت على المجازاة ، فالقسم إنما يقع على الجواب ؛ لأنه إخبار ووعد يقع فيه التصديق والتكذيب ، والقسم إنما يؤكد الإخبار الذي يقع فيها الصدق والكذب ، فلما كان القسم معتمدا به على الجواب بطل الجزم فيه ، وصار لفظه كلفظه لو كان في غير مجازاة ، فتقول : " والله إن أتيتني لا أفعل" ، كأنك قلت : " والله لا أفعل إن أتيتني" ، فإذا تقدم القسم شيء ثم أتى بعده المجازاة ، اعتمدت المجازاة على ذلك الشيء وألغي القسم كقولك : " أنا والله إن تأتني لا آتك" ، فاعتمد الجزاء على" أنا" ، كأنه ليس بعده القسم ، ألا ترى أنك تقول : " زيد والله منطلق" ، ولو قدمت القسم لقلت : " والله لزيد منطلق" فلزمته اللام.
وأنشد للفرزدق :
* وأنتم لهذا الناس كالقبلة التي |
|
بها أن يضل الناس يهدي ضلالها (١) |
قال سيبويه : " فلا يكون الآخر إلا رفعا"
يعني : " يهدي" ، لأن" أن" لا يجازى بها ، والتقدير : التي بها يهدي الضال عنها ، والهاء في ضلالها ترجع إليها ، وأن يضل الناس هو السبب الذي جعل الهدى من أجله.
وباقي الباب مفهوم.
__________________
(١) ديوان الفرزدق ٢ / ٦٢٣ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٤٥ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٣٨ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٨١.