النّكت
الجزء الثاني
باب ما يرتفع بين الجزمين وينجزم بينهما
اعلم أن ما يقع بين فعل الشرط والجزاء المجزومين من الفعل على قسمين :
أحدهما : معناه مخالف لمعنى فعل الشرط.
والآخر : معناه كمعنى فعل الشرط. فإذا كان مخالفا لفعل الشرط لم يجز فيه غير الرفع ، ووقع موقع الحال. وإذا كان في معنى فعل الشرط وتأويله جاز فيه الرفع والجزم على البدل وقد مثل سيبويه المسائل في ذلك.
وأنشد لزهير :
* ومن لا يزال يستحمل الناس نفسه |
|
ولا يغنها يوما من الدهر يسأم |
فرفع يستحمل لأنه في موضع خبر يزال. ويروى : ولا يعفها ، ويسأم جواب الشرط.
وأنشد :
* متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأججا |
فجزم" تلمم" على البدل من" تأت" لأنه في معناه.
وقوله : " تأججا" فيه ثلاثة أوجه :
أحدهما : أن تجعل الألف للتثنية وهي للحطب والنار وذكرت لتذكير الحطب.
والثاني : أن يكون للحطب.
والثالث : أن تجعل النار في تأويل الشهاب فتذكر.
وفيه وجه رابع : أن يكون تتأججن ، فحذف التاء استخفافا وعوض الألف في الوقف من النون الخفيفة ، وفيه على هذا التقدير ضرورة لدخول النون في الواجب.
وأنشد :
* إن يبخلوا أو يجبنوا |
|
أو يغدروا لا يحفلوا |