يغدوا عليك مرجلين |
|
كأنهم لم يفعلوا (١) |
وزاد الزيادي :
كأبي براقش كل لو |
|
ن لونه يتنقل |
فجعل" يغدوا" بدلا من موضع" لا يحفلوا". ولا يجوز أن يكون بدلا من" يحفلوا" وحدها ، والتقدير : أن يبخلوا أو يجبنوا أو يغدروا. ويغدوا عليك مرجلين ، وغدوهم مرجلين : ترك الحفل بذلك ، وقلة المبالاة به ، ولو جعلت يغدوا بدلا من يحفلوا وحدها دون" لا" لكان التقدير : لا يغدوا مرجلين ، وهذا خلاف ما أراد من المعنى. وأبو براقش : طائر يتلون ألوانا مختلفة في اليوم ، فضربه مثلا للقوم في فعلهم ذلك. وهذه الأبيات أنشدها الأصمعي عن أبي عمرو لبعض بني أسد.
وأنشد لابن زهير :
* ومن لا يقدم رجله مطمئنة |
|
فيثبتها في مستوى الأرض يزلق (٢) |
فنصب" يثبتها" كما ينصب : " لا ما تأتينا فتحدثنا" ، بمعنى : " لا تأتينا إلا لم تحدثنا" كأنه قال : ومن لا يقدم إلا لم يثبت زلق.
وأنشد للأعشى :
* ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى |
|
مصارع مظلوم مجرا ومسحبا |
وتدفن منه الصالحات وإن يسئ |
|
يكن ما أساء النار في رأس كبكبا (٣) |
فنصب" تدفن" لأنه حمل على المعنى كأنه قال : لا يزل يرى مصارع مظلوم ، يعني : نفسه ، وأن تدفن منه الصالحات.
ومعنى قوله : يكن ما أساء النار ، أي مثل النار في الشهرة والظهور للناس. وكبكب : اسم جبل ، وجعل النار في رأسه لأن ذلك أشهر لها. والمعنى : أن من اغترب عن قومه. لم يزل مظلوما متهضما لا ناصر له وإن أتى بصالحة سترت عليه ولم يخبر بها عنه وإن فعل سيئة حدث بها عنه ونقمت عليه.
وإذا قلت : " إن تأتيني آتك فأحدثك فالنصب ضعيف وهو على ضعفه أحسن منه في
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٤٦ ، شرح النحاس ٢٩٢ ، أمالي القالي ٨ / ٨٣ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٤٢ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٠٦ ، الإنصاف ٢ / ٥٨٣ ، شرح المفصل ١ / ٣٦ ، الخزانة ٩ / ٩١.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٤٧ ، المقتضب ٢ / ٢٢ ، شرح النحاس ٢٩٣ ، شرح السيرافي (٤ / ٤٤٤ ، ٤٥١) ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١١٣.
(٣) ديوان الأعشى ٨٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٤٩ ، المقتضب ٢ / ٢١ ، إعراب القرآن ٣ / ٩٠٦ ، شرح النحاس ٢٩٣ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٤٧.