ومعناه : متى أنام غير مؤرق. كأنه تمنى النوم الذي لا ينبه منه ولا يكون فيه سهر ، وفي هذا المعنى : أشم الرفع من أشمه على ما حكاه سيبويه.
وأنشد للأخطل :
* وقال رائدهم أرسوا نزاولها |
|
فكل حتف امرئ يمضي لمقدار (١) |
فرفع" نزاولها" على معنى : نحن نزاولها ، أي : نخاتلها ونعالجها.
وأنشد للأنصاري :
* يا مال والحق عنده فقفوا |
|
تؤتون فيه الوفاء معترفا (٢) |
فرفع" تؤتون" على معنى : فإنكم تؤتون ، ولم يجعله جوابا ونصب" الحق" بإضمار فعل يفسره : فقفوا ، كأنه قال : الحق ما لزموا ، وعطف جملة (و" الحق" بالواو على جملة النداء لأن حروف النداء بدل من اللفظ بالفعل) ودخلت الفاء لأنها تدخل زائدة في الأمر كقولك : " بزيد فامرر". ويروى : " معترفا" بكسر الراء وفتحها ، فمن كسر صير الحق معترفا لهم ، ومن فتحه فهو بمعنى اعترافا.
وأنشد في مثله لمعروف :
* كونوا كمن واسى أخاه بنفسه |
|
نعيش جميعا أو نموت كلانا (٣) |
فرفع" نعيش" على الاستئناف.
قوله : " أو نموت كلانا" لفظ" كلانا" كلفظ رجلين لأنه أراد الحيين والجمعين فأنزلهما منزلة اثنين فقال : " كلانا".
وحكى عن الخليل أنه قدر" نعيش" محمولا على" كونوا" وخبرا له وظاهر الكلام يمنع من ذلك ، لأن الواو في" كونوا" اسم المخاطبين ، والمتكلم خارج عنها.
وقوله : " نعيش" : للمتكلم. إذا كان مع غيره فكيف يكون ما للمتكلم خبرا عن المخاطب من غير ضمير عائد؟ فهذا في اللفظ فاسد ، ولكن إذا حمل على معناه صح ، وذلك أن يكون قوم اجتمعوا فتواصوا بالتآلف وترك الفرقة ، فمتكلمهم إذا أوصاهم بشيء فهو داخل معهم فيه ، ولا فرق بين أن يأمرهم ، وهو في المعنى داخل معهم وبين أن يكون لفظ الأمر لنفسه وهم معه فيصير قوله : " كونوا" ، كقولهم : " لنكن نعيش جميعا" ، " فنعيش" خبر
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٥٠ ، شرح النحاس ٢٩٤ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٥٨ ، المقتصد ٢ / ١١٢٦ ، الخزانة ٩ / ٨٧.
(٢) شرح السيرافي ٤ / ٤٥٨ ، ٥٦٦.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٥١ ، الكتاب ٣ / ٩٦ ، شرح النحاس ٢٩٤ ، السيرافي ٤ / ٤٥٩ ، ٤٦٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٠٤.