فعلت و" لما فعلت".
وقولهم : " أقسمت عليك لتفعلن" ، بينهما فرق ، فإذا قال : أقسمت عليك إلا فعلت ولما فعلت ، فهو طالب منه سائل ، ولا يلزمه فيه تصديق ولا تكذيب.
وإذا قال : " أقسمت عليك لتفعلن" ، فهو مخبر عن فعل المخاطب أنه يفعله ، ومقسم عليه ، فإذا لم يفعله فهو كاذب ؛ لأنه لم يوجد خبره على ما أخبر به. فللفرق بين المعنيين ، فرق بين اللفظين.
وقوله عز وجل : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) [هود : ١١١] اللام الأولى : التي تدخل في اسم" إن" إذا قلت : إن في الدار لزيد. أو في خبرها إذا قلت : إن زيدا ليقوم ، ولا تدخل معها النون.
واللام الثانية : هي جواب قسم يقدر بعد اسم" إن" وقبل خبرها وذلك في نحو قولك : إن زيدا ليقومن ، ولا تجتمع هاتان اللامان.
فإذا فرق بينهما جاز ، و" ما" زائدة للتوكيد.
وأنشد في حذف المنفي من جواب القسم :
فحالف فلا والله تهبط تلعة |
|
من الأرض إلا أنت للذل عارف (١) |
أراد : " لا تهبط" وقوي حذف" لا" لذكرها أول البيت.
يقول : حالف من تقوى به وتعز بمعاقدته ، فإن لم تفعل ذلك ، لقيت الذل وعرفته حيث كنت من الأرض.
والتلعة : المسيل في ما ارتفع من الأرض ، وهي أيضا ما انحدر.
وأنشد أيضا :
* فأقسم أن لو التقينا وأنتم |
|
لكان لكم يوم من الشر مظلم (٢) |
جعل سيبويه ههنا" أن" توكيدا كاللام ، ألا ترى أن اللام لا تدخل ههنا لو قلت : " فأقسم لأن لو التقينا" لم يجز ، لأن اللام إنما تدخل في المقسم عليه أو في ما كان من سببه كقولك : " والله لئن قمت لأقومن ، فدخلت في : " لأقومن ، لأنه المقسم عليه. ودخلت في" لئن" لأن" أن" من سببه ، ودخول" أن" مع" أو" توكيدا بدلا من اللام.
وأنشد للبيد :
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٥٤ ، شرح النحاس ٢٩٧ ، شرح السيرافي ٤ / ٤٨٣ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٣٣ ، الكتاب ٣ / ٥ الطبعة المحققة ، دلائل الإعجاز ٢٠ ، (تحقيق محمود شاكر).
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٥٥ ، شرح النحاس ٢٩٧ وبه (لكان لنا) شرح السيرافي ٤ / ٤٨٥ ، ٤٨٩) ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٨٥ ، شرح المفصل ٦ / ٩٤.