" ما" و" تحبون" مصدرا ، كأنه قال : بآية محبتكم ، هذا مذهب المبرد وإنما قال : ما تحبون الطعام ؛ لأن تميما تنسب إلى حب الطعام ، وتعير بذلك لقصة شهرت عنهم ، وهي معروفة في كتب الأخبار.
ومما ذكر سيبويه قولهم : " اذهب بذي تسلم".
ومعنى هذا الكلام : دعاء ، كأنه قال في المعنى : والله يسلمك وتقدير سيبويه في هذا ونحوه من المضاف ، أن الفعل يقام مقام مصدره في الإضافة كأنه قال : " بذي سلامتك" وهو قول المبرد وشرحه في" يوم يقوم زيد" ونحوه.
وقال : " ذو" لا تقع مفردة أبدا ، فجازت إضافتها إلى ما لا يضاف إليه غيرها فوقعت على الفعل.
ووجه آخر في" ذي تسلم" ، كأنه قال : في زمان" ذي تسلم" ، و" ذي" : نعت لزمان والنعت هو المنعوت ، فأضيف إلى الفعل ؛ لأنه في معنى زمان ، كأنه قال : " ليوم تسلم".
ووجه آخر : أن يكون : " ذي" بمعنى" الذي" ، وخولف بين لفظها في هذا المثل وبين لفظها في سائر المواضع ، فإنها تستعمل في هذا الباب" بالياء" وفي غيره" بالواو" في الرفع والنصب والجر ، وهذه اللغة في طيئ كثيرة ، فيكون المعنى : اذهب بالزمان الذي تسلم فيه.
هذا باب إنّ وأنّ
اعلم أن" أنّ" وما بعدها بتأويل المصدر ، كما تكون (أن) المخففة وما بعدها بمنزلة المصدر ، إلا أن المثقلة لا تقع مبتدأة في اللفظ ، فإن تقدمها شيء ، جاز ابتداؤها ، كقولك : " عندي أن زيدا راحل" ، معناه : عندي رحيله ، وإنما امتنعت" أن" من التقديم لأن" إن" و" أن" من حيز واحد في الأصل ، فاختاروا الابتداء للفظ" إن" المكسورة وجعلوها بمنزلة الفعل المبتدأ به. ومن الدليل على أنهما بمعنى واحد أنك تقول : (ظننت إن زيدا لمنطلق) ، فإذا أسقطت اللام قلت : (ظننت أن زيدا منطلق) ، فالمكسور هي المفتوحة كما أنك إذا قلت : علمت زيدا منطلقا ثم قلت : علمت لزيد منطلق ، فالمبتدأ والخبر هما المفعولان في المعنى.
وهذا معنى قول سيبويه في الباب الذي يلي هذا في حسن تقديم" أن" الخفيفة" لأنها لا تزول عن الأسماء والثقيلة تزول" يعني أن المفتوحة تقع مكانها المكسورة.
ومما يمنع من تقديم" أن" المفتوحة في اللفظ ، أنها إذا تقدمت ارتفعت بالابتداء ، وكل مبتدأ ليس قبله شيء يتعلق به ، يجوز دخول" إن" المكسورة عليه وأن يليها في اللفظ ، فيلزم في هذا أن يقال : " إن أن زيدا منطلق بلغني" ، وهذا لا يجوز لاجتماعهما في اللفظ ، فاعلم ذلك.
هذا باب من أبواب أنّ
شبه سيبويه ـ في هذا الباب ـ وقوع" أن" بعد" لو" وهي في تقدير الاسم ،