ولا يستعملون الاسم بعدها لوقوع" تسلم" بعد" ذي" ، " وتسلم" في موضع اسم ، ولا يستعملون الاسم بعد" ذي" في هذا الموضع ، وهذا عنده بمنزلة ما لا يقاس عليه.
وقد تقدم القول في موضع" أن" من الإعراب بعد" لو" في صدر الكتاب والحجة لسيبويه وغيره ، فأغنى ذلك عن ذكره هاهنا.
وقوله : " أما إنه منطلق"
يجوز فيه كسر" إن" وفتحها ، فمن كسرها جعل" أما" استفتاحا وتنبيها للمخاطب ليسمع الكلام المقصود ولم يعتد بها ومن فتحها فهو بمنزلة : " حقّا أنه منطلق" ، فحقا ، في مذهب الظرف ، و" أنه منطلق" في موضع مبتدأ ، كأنه قال : في حق انطلاقه ، وأما قول الله عز وجل : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام : ١٠٦] ففيه قراءتان : كسر" إن" وفتحها. فمن كسرها ، فقد تم الكلام بقوله : (وما يشعركم) ثم أخبر الله أنهم لا يؤمنون.
ومن فتحها : فقد تم الكلام أيضا عند قوله : (وما يشعركم) ثم استأنف الكلام وأبهم أمرهم ، ولم يخبر عنهم بإيمان ولا غيره ، فقال : " أنها" على معنى" لعلها" ، وهذا قول النحويين : الخليل والكسائي والفراء وغيرهم ، وقد حكى سيبويه عن الخليل ما حكاه عن العرب مما يدل على هذا المعنى.
وإنما كرهوا أن يجعلوا" أنها" في صلة يشعركم" لأن" ذلك يصير : كالعذر لهم والإخبار بأنهم يؤمنون. ألا ترى أنك إذا قلت لإنسان : ما يدريك أن زيدا ليس بمحسن؟ فالأظهر في قصد قائله : أنه يغلب له الإحسان ، فلذلك عدلوا إلى تفسيرها" بلعل" ـ والعرب تقول : علك وعنك ، ولعلك ولعلهم ، العين في" عنك" همزة لأنها من مخرجها كما أبدلوا اللام نونا.
ومعنى قول سيبويه : " ألا ترى أنك لا تقول : إن أنك ذاهب في الكتاب".
مثل بهذا فساد الجمع بين" إن" وأن" ، ولو فصل بينهما فقال : (إن في الكتاب أنك ذاهب) ، لجاز وحسن الفصل بينهما.
ومعناه : أن الكتاب انطوى واشتمل معناه على أنه ذاهب ، كما يقول القائل لصاحبه : في اعتقادي أنك راحل ، وليس يريد حكاية لفظ الكتاب وإنما يريد به معنى ما في الكتاب.
قوله : " ويقول الرجل للرجل : لم فعلت ذلك؟ فيقول : لم أنه ظريف؟.
فتح" أن" لتقدير اللام ، وإعادة" لم" لا يعتد بها ، لأن المسئول كأنه أعاد سؤال السائل ، وحكى لفظه ثم حدث عنه.
وأما قوله : " أي إني نجد"
كأن إنسانا تكلم بشيء عرض فيه أنه شجاع كرجل قال : " أنا أسير بالليل وحدي لي المفاوز" بمنزلة من قال : إني نجد.