أحدهما : أن تجعل" أنكم" الأولى المفعول الثاني من" يعدكم" واسم" أن" الكاف والميم وخبرها : " مخرجون"" وإذا متم" : ظرف لقوله : (مُخْرَجُونَ ،) و" أنكم" الثانية معادة وهي الأولى ، لتقرب من الخبر لما تراخى ما بينها وبين الخبر ، كقوله عز وجل : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ ،)" فهم" الثانية إعادة للأولى وتوكيد لها وهو قول الجرمي في هذا ونحوه ويحتج له في ذلك ، بأنها تقع بعد الفاء مفتوحة كقوله عز وجل : (أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) [يوسف : ٣٧] أنما هو" فله" ، ثم كررها توكيدا.
والوجه الثاني : أن تجعل" أنكم" الأولى المفعول الثاني" ليعدكم" و" أنكم مخرجون" في موضع اسم مبتدأ ، وخبره" إذا متم" وهو ظرف له. وتقديره : " أيعدكم أنكم إذا متم إخراجكم" ، وهو قول المبرد.
وعلى هذين الوجهين قولهم : " زعم أنه إذا فعل أنه سيمضي".
وظاهر كلام سيبويه أنه جعل" أنكم" الثانية بدلا من" أنكم" الأولى في قوله : (أيعدكم).
وفي هذا الكلام خلل ؛ لأنه لا يجوز البدل من الاسم حتى يتم ، وقوله : (أنكم إذا متم) ليس باسم تام لأنه لم يأت" لأن" بخبر.
وأنشد سيبويه لابن مقبل :
* وعلمي بأسدام المياه فلم تزل |
|
قلائص تخدي في طريق طلائح |
وأني إذا ملت ركابي مناخها |
|
فإني على حظي من الأمر جامح (١) |
استشهد به على كسر" إن" بعد الفاء في قوله : " فإني" ولو فتحها على التكرير والتوكيد الأول لجاز.
الأسدام : المياه القليلة المتغيرة بقلة الواردة عليها. ومعنى تخدي : تسير سيرا سريعا ، والطلائح : المعبية لطول السفر.
والجامح : الماضي على وجهه لا يرده شيء عن مراده.
هذا باب من أبواب أنّ تكون فيه أنّ مبنية على ما قبلها
وذلك قولك : أحقّا أنك ذاهب؟ ... وأكبر ظنك أنك منطلق
هذا يجوز فيه وجهان : الرفع والنصب ، فالرفع : على الابتداء ، وتقديره : أحق ذهابك ، وأكبر ظنك ذهابك.
__________________
(١) ديوانه ٤٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ٤ / ٤٦٧ ، الكامل ٤ / ٤٢ ، شرح النحاس (٣٠٢ ، ٣٠٣) ، شرح السيرافي ٤ / ٥٤٤ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١١٦.