ومن ذلك : إقامتهم الفعل في موضع الاسم إذا كان الفعل نعتا كما قال النابغة :
* كأنك من جمال بني أقيش |
|
يقعقع خلف رجليه بشن (١) |
أراد : «جمل يقعقع».
باب البدل
اعلم أنهم يبدلون الحرف من الحرف في الشعر ، في الموضع الذي يبدل مثله في الكلام لمعنى يحاولونه ، من تحريك ساكن ، أو تسكين متحرك ، ليستوي وزن الشعر به ، أو رد شيء إلى أصله ، أو تشبيه له بنظيره.
فمن ذلك قوله :
* لقد كان يذهب بالدنيا ولذتها |
|
موالي ككباش العوس سحاح (٢) |
فضم الياء لاستقامة البيت.
ومثله :
* لها أشارير من لحم تتمره |
|
من الثعالي ووخز من أرانيها (٣) |
أراد من «أرانبها» ومن «الثعالب».
فلما اضطر إلى تسكين الباء أبدل منها حرفا لا يحرك ، وشبهه بقولهم : «تظنيت» و «تقصيت».
ومن ذلك قولهم :
* الله أنجاك بكفي مسلمه |
|
من بعد ما وبعد ما وبعدمه |
فأبدل الهاء من الألف لأنهما متقاربتا المخرج ، وهما بعد من حروف الزيادة.
ومن ذلك : بدل الأسماء الأعلام ، وهو يجيء في الشعر على ثلاثة أضرب :
ـ ضرب جائز في الشعر والكلام.
ـ وضرب جائز في الشعر دون الكلام.
ـ وضرب لا يجوز في الشعر ولا في الكلام.
فأما ما يجوز في الكلام والشعر ، فنحو تصغير الاسم العلم الذي يعرف بغير تصغير ، كقولك في عبد الله : عبيد الله.
وأما ما يجوز في الشعر ولا يجوز في الكلام ، فأن تبدل اسما من الاسم المعروف كقول
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ٣٧٥ ، المقتضب ٢ / ١٣٦ ، الكامل ١ / ٣٨٦.
(٢) شرح السيرافي ٢ / ٢١١ ، ضرائر الألوسي ١٧٦ ، فرحة الأديب ١٢٩ ، شرح المفصل ١٠ / ١٠٣.
(٣) الشعر والشعراء ١ / ١٠١ ، المقتضب ١ / ٢٤٧ ، مجالس ثعلب ١ / ١٩٠ ، شرح النحاس ٢٤٨.