هذا باب آخر من أبواب إنّ
إن قال قائل : ذكر سيبويه في هذا الباب أن" إذا" تكسر بعدها" إن" وتفتح ، فإذا كسرت" إن" فما موضع" إذا"؟ وما العامل فيها؟ وقد علمتم أنه لا يعمل خبر إن في ما قبل" إن"؟.
قيل له : " إذا" حرف دخل لمعنى المفاجأة ولا عمل لها ، وهي في مذهب حروف العطف ، فمن حيث دخلت" إن" المكسورة بعد حروف العطف ، كان دخولها بعد" إذا" ، ومن أجل ذلك جاز دخول" الفاء" عليها وخروجها منها.
ـ أما دخولها فلأن" الفاء" للعطف ، وما بعدها معطوف على ما قبلها كعطف جملة على جملة ، وإذا للمفاجأة ، واختصت بالدخول عليها" الفاء" من بين حروف العطف ، لأن ترتيب الثاني أن يكون بعد الأول في المعنى.
ـ وأما إسقاط" الفاء" فلأن حرف المفاجأة لما ورد بعد الفعل الأول دل على أنه عقيبه فأغنى عن الفاء.
وأنشد :
* وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا |
|
إذا إنه عبد القفا واللهازم (١) |
فكسر" إن" بعد" إذا" على معنى : " فإذا هو عبد القفا واللهازم" ولو فتحها على معنى : " فإذا العبودية أمره وشأنه" ، لجاز.
ومعنى قوله : " عبد القفا واللهازم" أي : إذا نظرت إلى قفاه ولهازمه تبينت أنه لئيم كالعبد.
هذا باب آخر من أبواب إن
أنشد ـ في هذا الباب ـ لكثير مستشهدا بكسر" إن" بعد" إلا" :
* ما أعطياني ولا سألتهما |
|
إلا وإنّي لحاجزي كرمي (٢) |
فقوله : " إلا وإني لحاجزي" ، " إن" ما بعده ، جملة في موضع الحال ، ولذلك دخلت عليها واو الابتداء.
وكان المبرد يرد البيت على سيبويه ، ويقول : تقدير سيبويه في العربية صحيح ولكنه
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٧٢ ، المقتضب ٢ / ٣٥٠ ، شرح النحاس ٣٠٤ ، المسائل البغداديات ٣٤٧ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٦٤ ، الجنى الداني ٣٧٨ ، ٤١١ ، شرح المفصل ٤ / ٩٧ ، أوضح المسالك ١ / ٢٤٣ ، حاشية الصبان ١ / ٢٧٦ ، الخزانة ١٠ / ٢٦٥.
(٢) ديوانه ٢ / ٦٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٧٢ ، المقتضب ٢ / ٣٤٥ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٦٧ ، حاشية الصبان ١ / ٢٧٥ ، المقاصد النحوية ٢ / ٣٠٨.