غلط في معنى الشعر ، ويرويه : ألا وإني لحاجزي ، يذهب إلى أنهما ما أعطياه وأنه ما سألهما ، ثم ابتدأ يصف نفسه بأنه يحجزه عن سوء الهمة كرمه ، ويجعل ألا للتنبيه.
والصحيح" إلا" ، لأنهما يوجب أنهما أعطياه وأنه سألهما وحجزه كرمه عن أن يعيب إعطاءهما ، وأن يلح عليهما في مسألته ، وشعره يدل على ذلك ، وبعد هذا البيت :
مبدى الرضا عنهما ومنصرف |
|
عن بعض ما قد سألت لم ألم (١) |
فهذا وما يتصل به من الأبيات يدل على الإعطاء والسؤال.
وأراد بالشعر : عبد العزيز وعبد الملك ابني مروان بن الحكم ، وكانا يعطيانه ويسألهما ، مشهور ذلك من فعله وفعلهما.
هذا باب آخر من أبواب إن
ذكر في هذا الباب أن بعض العرب يقول : لهنك لرجل صدق في حال اليمين. وفيها ثلاثة أقوال :
أحدهما : قول سيبويه وهو أن أصلها" إن" أبدلوا همزتها" هاء" كما أبدلوا الهاء من هرقت مكان الألف ، ولحقت اللام التي قبل الهاء لليمين كما لحقت بعدها في قوله : إن زيدا لما لينطلقن ، فاللام الأولى في" لهنك" لام اليمين ، والثانية لام إن. وفي : " لما لينطلقن" ، اللام الأولى" لإن" ، والثانية لليمين وشبه سيبويه دخول اللام على إن لليمين وإن كان بعدها إن وهي للتوكيد ـ بدخولها لام اليمين في آخرها وإن كان قبلها" لما" وهي للتوكيد. وقد يجتمع الحرفان في معنى واحد فيؤكد أحدهما الآخر. كقولهم : (ما إن زيد منطلق) ، وهما حرفا جحد.
والثاني : قول الفراء ، قال : هي كلمتان كانتا تجتمعان ، فيقولون :
والله إنك لعاقل ، فخلطتا فصار فيهما اللام والهاء من" الله" والنون من" إن" المشددة ، وحذفوا ألف" إن" كما حذفوا الواو من أول و" الله".
والثالث : معناه : لله إنك لمحسن ، ثم حذف وغير. وهذا أسهل في اللفظ وأبعد في المعنى. والذي قال الفراء أصح في المعنى لأن قول القائل : " والله إنك لقائم" ، أصح من : " لله إنك لقائم" ، لأن قولهم : " لله" : تعجب ، والتعجب لا تدخل معه إن ؛ لأن التعجب وضع لما هو قائم ثابت ، ولما قد مضى و" إن" للاستقبال لا غير ، وضعت ثم كثرت حتى صارت للواجب على معنى الجواب ، وهذا القول ـ في الوجه الثالث ـ حكاية المفضل بن سلمة.
وقوله : " وأجاز سيبويه في الشعر أشهد إن زيدا ذاهب بالكسر. ورد عليه المبرد فقال : ليس للضرورة في" أن" و" إن" عمل ، لأن وزنهما واحد والقافية بهما سواء.
__________________
(١) ديوان كثير ، ٢ / ٦٦ ، وشرح السيرافي ٤ / ٥٦٩.