موضوعة لفعل يتوهم كونه في الاستقبال فاحتاجت إلى ذكر" أن" للدلالة على المستقبل.
وقال المبرد عند ذكر سيبويه اتصال الضمائر بعسى وحذفها :
واتصالها هو الوجه الجيد. واحتج بقوله عز وجل : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) [محمد : ٢٢] وذهب عليه قوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) وقوله : (وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً) [البقرة : ٢١٦].
وأما" كاد" ، فالباب فيه إسقاط" أن" لأنك إذا قلت : " كاد يفعل" فإنما تقوله لمن هو على حد الفعل كالداخل فيه لازمان بينه وبين دخوله فيه ، وسبيل المستقبل أن يكون في كونه مهملة ، وقد يجوز في كاد إدخال" أن" تشبيها بعسى.
كما قد يجوز إسقاط" أن" من عسى تشبيها" بكاد".
ومما يحتج به لإسقاطها من" عسى" ، أنها وإن كانت للمستقبل فقد يكون بعض المستقبل أقرب إلى الحال من بعض ، فإذا قال : عسى زيد يقوم فكأنه قرب ، حتى أشبه قرب" كاد" ، وإذا أدخل" أن" في" كاد" فكأنه بعد عن الحال التي أشبه" عسى". وكرب يفعل ، مثل كاد يفعل.
وأما : " أخذ يفعل" ، " وجعل يفعل" وما أشبه ذلك ، فإنهم ذهبوا بالأفعال بعدها مذهب اسم الفاعل. ولم يذهبوا بها مذهب المصادر ، لأن قولك : " أخذ يفعل" ، و" جعل يفعل" ، هو داخل في الفعل فصار بمنزلة : زيد يفعل إذا كان في حال فعل وهذا معناه.
وقوله : " أخذ" و" جعل" : تحقيق لدخوله فيه ، ولا يجوز فيها" أن". ويوشك معناه يسرع ، وهو ضد يبطئ ، ومعنى أن فيه صحيح لأنه بمنزلة : " يقرب" ، ويبطئ بمنزلة : " يبعد".
والذي يحذف أن بعدها كالذي يحذفها بعد عسى.
وقول سيبويه عند ذكر كرب وكاد : " لما ذكرناه في الكراسة التي تليها يعني ما ذكره في هذا في : (باب وجه دخول الرفع ، بعد ابتداء إعراب الأفعال بيسير).
وأنشد في إسقاط" أن" بعد عسى لهذبة بن خشرم :
* عسى الكرب الذي أمسيت فيه |
|
يكون وراءه فرج قريب (١) |
خاطب بهذا رجلا من معارفه كان قد أسر.
وأنشد أيضا :
* عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر |
|
بمنهمر جون الرباب سكوب (٢) |
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٧٨ ، الكامل ١ / ١٩٦ ، المقتضب ٣ / ٧٠ ، شرح النحاس ٢٦٩ ، أمالي القالي ١ / ٧١ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٨٨ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٤٣.
(٢) الكامل ١ / ١٩٦ ، المقتضب ٣ / ٤٨ ، ٦٩ ، شرح النحاس ٣٠٧ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٨٨ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٤١ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٣٥ ، شرح المفصل ٣ / ١١٧.