والعنف ، والمعنى : بما صلح له من هذين الشيئين.
ومثله : " كلّ حقّ له" ، بإحدى هاتين الصفتين إما مسمى أو غير مسمى ، ويكون على وجهين : على أنه صفة للحق وعلي أنه حال ،
ـ فالصفة على تقدير : كل حق مذكور أو غير مذكور.
ـ والحال على معنى : إن كان مسمى وإن كان غير مسمى ، كأنه قال : كل حق له كائنا ما كان ، كما تقول : " لأضربنه ذهب أو مكث أي : لأضربنه ذاهبا أو ماكثا.
ـ وأما من قال" بالواو" ، فمعناه : كل حق له من المسمى وغير المسمى. ومما تكون فيه" أم" و" أو" بمعنى واحد ـ وإن كان أصل وضعهما مختلفا ـ قولهم : أضربت زيدا أولا : وقد تقدم القول في هذا.
واعلم أنه إذا دخل" نهي" أو" نفي" على ما فيه" أو" فإن النهي والنفي عن الجميع ، في ما كان مباحا أو تخييرا ، وذلك أنك إذا أمرت وأنت تخيره فقلت : خذ دينارا أو ثوبا. فأنت تأمره بأخذ أحدهما والآخر محظورا. فإذا نهيته فقد حظرت عليه الذي كنت تأمره بأخذه ، فصار الجميع محظورا.
فمن حيث كان الأمر : خذ أحدهما ، صار النهي : لا تأخذ أحدهما.
وإذا قال : " لا تأخذ أحدهما" فأيهما أخذ فقد عصى ؛ لأنه قد أخذ أحدهما وأما من قال : المعنى : اترك أحدهما ، فإن هذا القول لا يكون ولا على وجه اللغز ، كأنه يقصد بأحدهما في اللفظ واحدا بعينه ولم يعرض للآخر بشيء.
واعلم أن قولك : " لأضربنه (ذهب أو) مكث ، " أم" و" أو" فيه سواء.
واستدل الخليل على جواز" أم" هنا بقولهم : " لأضربنه أي ذلك (كان) ، وهي بدخول ألف الاستفهام بمعنى" أو" ؛ لأن الكلام في" أو" يقدر كائنا ما كان ، وفي" أم" يقدر : أي ذلك كان" ومعناهما واحد ، واحتاجوا في" أم" إلى ألف الاستفهام للتعديل والتسوية.
وقوله : " لأضربنه كائنا ما كان كائنا : نصب على الحال من الهاء في" لأضربنه" ، و" ما" : في موضع رفع بكائن ، وهي بمعنى" الذي" ، و" كان" : صلتها.
وفيها معنى المجازاة ، وفي كان ضمير يعود إلى" ما" ، وبعد" كان" هاء محذوفة تعود إلى" الهاء" في" لأضربنه".
وأنشد لزيادة بن زيد العذري :
* إذا ما انتهى علم تناهيت عنده |
|
أطال فأملى أو تناهى فأقصرا (١) |
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٩١ ، المقتضب ٣ / ٣٠٢ ، مجالس العلماء ١٣٤ ، شرح السيرافي ٤ / ٦٥٣ ، ٦٥٨ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٤٢ ، اللسان (نهي) ١٥ / ٣٤٤.