الاستفهام بألف ، وإن كان بغيرها ؛ فحرف العطف قبله ، فالألف (قولك) : أو هو ممكن يزورك؟ وأفهو لك صديق؟ ونحو ذلك. وإذا قال : ألست صاحبنا؟ أو ألست أخانا؟ فقد صار الأول تقريرا بدخول ألف الاستفهام وعطف الثاني عليه عطف جملة على جملة ، وأدخلت فيه ألف الاستفهام فصارت الجملة (الثانية) كالجملة الأولى ورد العامل فيه يصيره في معنى" بل" ، كأنك قررته على الجملة الثانية وتركت التقرير على الأولي ، كما تعمل" بل" في ترك الأول وتثبيت الثاني.
ومثله قوله : ألا تأتينا أو لا تحدثنا؟ هذا يكون تقريرا ويكون استدعاء وعرضا ، وهو في معنى" هلا" ، وهذا معنى قول سيبويه : " إذا أردت التقرير أو غيره.
هذا باب تبيان" أم" لم دخلت عليه حروف الاستفهام
قد تقدم أن" أم" دخلت على حروف الاستفهام لأنها حرف عطف فدخلت عليها كما تدخل حروف العطف عليها في قولك : ومن؟ وكيف؟ ومتى؟ ونحوهن ، ولم تدخل" أم" على الألف لأن" أم" : نظيره الألف في التعديل والتسوية ، وأنهما حرفان ليسا باسمين ، والألف هي الأصل في حروف الاستفهام ، وكان حقها أن تدخل على سائر حروف الاستفهام ، ولكنها لما خصت في استعمالها بالاستفهام أو بالجزاء استغني عن حرف الاستفهام وحرف الجزاء معها لدلالتها عليهما ، وقد تقدم القول في وجهي" أم" فأغنى عن ذكرهما هنا.
فأما" هل" فإنها حرف دخلت لاستقبال الاستفهام ، ومنعت بعض ما يجوز في الألف من اقتطاعها بعض الجملة ومن جواز التعديل ، فصارت داخلة لغير الاستفهام المطلق الذي حرفه الألف ولذا قال سيبويه : " وإنما هي بمنزلة" قد" إلا أنهم تركوا الألف إذا كانت" هل" لا تقع إلا في الاستفهام".
ومعنى قول سيبويه في الفصل بين" أم" وبين" الألف" في دخول" أم" على" هل" ، وامتناع" الألف" من دخولها على" هل" : " إن أم إنما تجيء هاهنا بمنزلة لا بل للتحويل من شيء إلى شيء إلى قوله : " لو تركوها لم يتبين المعنى".
يريد بقوله : " إن" أم" تجيء بمنزلة" لا بل" أي : أنها إذا كانت منقطعة ، دلت على مثل ما دلت عليه" بل" في ترك شيء إلى شيء ، ولو جئنا بالألف في موضع" أم" لكنا قد استأنفنا الاستفهام ولم يكن فيه ترك شيء بشيء.
وسبيل" أم" ـ لما كانت للعطف ، أن يصير بين ما قبلها وما بعدها ملابسة (ما) كسائر حروف العطف ، فلذلك احتاجوا إلى" أم" واستغنوا عن" الألف" ولو لم يذكروا" أم" لم يتبين المعنى.
وكان المبرد (يجيز) دخول الألف على" هل".