ثنتين منع الاسم التصرف. وإذا دخلت واحدة لم يمنع الصرف ؛ لأن في الاسم خفة بالاسمية ، فإذا دخل ثقل ، قاومته الخفة ، فلم يغلبها ، فإذا دخل ثقلان غلباها.
وابتدأ سيبويه بذكر ما يجتمع فيه علتان من العلل المانعة من الصرف ، وساق الأبواب على ذلك ، فبدأ" بأفعل" الذي هو وصف ، وقد اجتمعت علتان : وزن الفعل والصفة وإن صغرته لم يخرجه التصغير إلى الصرف ؛ لأن الفعل قد صغر في قولهم : " ما أميلح زيدا" ، و" ما أحيسنه" فاعلم ذلك.
هذا باب أفعل إذا كان اسما
وما أشبه الأفعال من الأسماء التي في أوائلها الزوائد.
ذكر سيبويه في هذا الباب أن" أفعل" وإن لم يعرف اشتقاقه حكم لهمزته بالزيادة ـ ثم قال : " وإن لم تقل هذا".
يعني : إن لم تقل في" أفكل" أن الهمزة زائدة ـ وفرقت بينه وبين أحمر لأن أحمر : (قد) عرف اشتقاقه ، وأفكل لا يعرف له اشتقاق ـ دخل عليك ألا تجعل في ما لا يعرف اشتقاقه حرفا زائدا ، كألف في" الرجازة" ، وهي : شيء يعدل به حمل البعير و" الربابة" : التي تجمع فيها القداح ، وأن تجعلها بمنزلة" القمطرة" و" الهدملة" ، وهذا فاسد. وسنبين ذلك في باب التصريف إن شاء الله.
قوله : " ولو جاء في الكلام شيء نحو : أكلل وأيقق. فسميت به رجلا صرفته لأنه لو كان أفعل لم يكن الحرف الأول إلا ساكنا مدغما".
يعني : أن ما كان على أفعل (مما) عين الفعل ولامه من جنس واحد تدغم في لامه كقولنا : أشدّ وأكسّ وأطلّ البعير ، وما أشبهه. وإذا جاء على" فعلل" لم يدغم أحدهما ، كقولنا : قردد ومهدد ، فلذلك جعل أكلل وأيقق وما أشبهها ـ إذا سمي بشيء منها ـ مصروفا ، وإذا سميت رجلا بألبب ، فهو غير مصروف لأنه من اللب ، وهو" أفعل".
والعرب تقول :
* قد علمت ذاك بنات ألببه (١)
يعنون : لبه. أراد سيبويه أن الاشتقاق قد بين أن الهمزة زائدة. وترك الإدغام شاذ. ومن الناس من يقول : ألببه بجعله جمع لب ، كذا حكى الفراء.
قال : وكذلك تألب لا يصرف لأنه تفعل ، ويدلك على ذلك أنه يقال للحمار : ألب
__________________
(١) الكتاب (٣ / ٢ ، ٦١ ، ٤٠٣). المقتضب (٢ / ١٧١ ، ٢ / ٩٧). المنصف ١ / ٢٠٠ ، ٣ / ٢٤ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٧٣ ، الخزانة ٧ / ٣٤٥.