هذا باب ما ينصرف من الأفعال إذا سمّيت به رجلا
هذا الباب يذكر فيه من سمي بفعل لا ضمير فيه ولا زيادة في أوله وله نظير من الأسماء.
فالنحويون يرون صرفه إلا عيسى بن عمر فلا يصرفه في المعرفة.
واحتج سيبويه بأن العرب تصرف الرجل يسمى بكعسب وهو فعلل من الكعسبة وهو : العدو الشديد.
وكان عيسى بن عمر يحتج ببيت سحيم بن وثيل :
* أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني (١) |
فلم يصرف" جلا" وقد سمى به أباه لأنه فعل ماضي. وتأويل سيبويه أن في" جلا" ضميرا من أجله له يصرفه ، والفعل إذا كان فيه ضمير لو كان معه فاعل ظاهر ثم سمي به ، حكى ولم يغير كما قال :
* بني شاب قرناها
وقوله : أنا ابن جلا ، أي : ابن المعروف المنكشف الأمر ، والتثنية : الطريق الشاق في الجبل ، أي : أركب الأمور الشاقة الصعبة لجلدي وشدّة عزمي.
وأما" فعل" وما كان نظيره مما لا مثال له في الأسماء فلا ينصرف في المعرفة ، وقد جاء في الأسماء المعارف أسماء على" فعل" كلها غير مصروف ، فمن ذلك : خضم وهو اسم العنبر ابن عمرو بن تميم. وشلم وهو : اسم بيت المقدس. وبذر وعثر : موضعان.
قال كثير :
* سقى الله أمواها عرفت مكانها |
|
جرابا وملكوما وبذر والغمرا (٢) |
فإن احتج محتج ببقم وهو : جنس من الخشب ، قيل له : بقّم : ليس باسم عربي وتكلمت به العرب ، ووافق من كلامها ما كان من الفعل لا نظير له في الأسماء ، وأجرى حكمه على حكم الفعل الذي لا نظير له ، فينصرف في النكرة ، ولا ينصرف في المعرفة.
فإن قال قائل : وقد جاء في الأسماء" دئل" فلا ينبغي أن يمنع ضرب ـ إذا سمى به ـ الصرف.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٧ ورد في (أوضح المسالك ٣ / ١٤٩) الكتاب (١ / ٢٢٤ ، ٣٨٠) ، مجالس ثعلب ١ / ١٧٦ ، ما ينصرف وما لا ينصرف ٢٠ ، شرح النحاس ٣١٠ ، أمالي القالي ١ / ٢٤٦ ، شرح السيرافي ٤ / ورقة ٨٣ ، شرح المفصل (١ / ٣٦١ / ٥٩ ، ٦٢ ، ٤ / ١٠٥) ، أوضح المسالك ٣ / ١٤٩.
مغني اللبيب (١ / ٢١٢ ، ٤٤٠ ، ٢ / ٨١٦) ، شرح شواهده ٢ / ٧٤٩ الخزانة ١ / ٢٥٥.
(٢) ديوان كثير ٢ / ٨٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٧ ، ما ينصرف وما لا ينصرف ٢١ ، شرح السيرافي ٤ / ٨٣ ؛ المنصف (٢ / ١٥٠ ، ٣ / ١٢١). شرح المفصل ١ / ٦١ ، الخزانة ٢ / ٣٥٥ ، اللسان (بذر) ٤ / ٥١.
انظر هامش ٣ / ٢٠٧ ، ٢٠٨.