قيل له : لم يذكر سيبويه في أبنية الأسماء" دئل". وذكر الأخفش أنه جاء اسما معرفة ، والمعارف غير معوّل عليها في الأبنية ؛ لأنه يجوز أن يسمى الرجل بالفعل وبالحرف وبما لا نظير له في كلام العرب.
وذكر عن الأخفش أن" دئل" اسم دابة شبيه بابن عرس ولا حجة في هذا ؛ لأنه يجوز أن يكون" دئل" سمي بالفعل. وفي أسماء الأجناس ما سمي بالفعل كثيرا ، كطائر يقال له : تبشر ، وآخر يقال له : تشوط ، وهذان بناءان لفعل كأنهما سميا بفعل يفعلانه فاعلم ذلك.
وذكر سيبويه أن الفعل إذا اتصل به علامة الاثنين وعلامة الجمع ثم سمي به ، زيدت النون بعدهما ؛ لأن النون عوض من الحركة والتنوين في الاسم ، وقد وجبت الحركة والتنوين بالتسمية في الفعل الواحد ، فتزاد في تثنية الفعل وجمعه إذا سمي به لذلك.
وعلة أخرى : أن هذه" الواو" كانت في الأصل معها" نون" وإنما سقطت" النون" في الماضي (لأنه مبني على الفتح) ، والنون في مثل هذا الفعل إنما تدخل علامة الرفع ، فإذا كان الفعل منصوبا (أو) مجزوما سقطت النون ، فإذا سمينا به رجعت النون.
واعلم أن الاسم إذا لحقته الواو والنون على غير وجه الجمع مما لم تتكلم به العرب ـ وإنما هو مختلف لتسمية المسمى كقولهم : حمدون وعبدون وزيدون ـ كان فيه وجهان :
أحدهما : أن تجعل الإعراب في النون وتلزمه الإعراب على كل حال ، فيقال : هذا حمدون وعبدون ، ومررت بحمدون وعبدون ، فيصير بمنزلة : زيتون وعرجون.
والوجه الثاني : أن يجعل بمنزلة الجمع فيقال : هذا حمدون وعبدون ، ورأيت عبدين ، ومررت بحمدين ، ولا يجوز فيه" حمدين" و" عبدين" في هذا الوجه. فإن سمي بحمدين وعبدين بالياء كان فيه وجهان أيضا : أحدهما : أن تعرب النون وقبلها ياء ساكنة ، ويجوز أن تجعله كالجمع السالم ، مرة بالياء ، ومرة بالواو ولا يجوز أن تجعله كزيتون وعرجون ؛ لأنه لا يجوز أن تكون النون معربة على وجهين مختلفين ، كما لا يجوز أن يقال في زيتون : زيتين فكذا هذا وما أشبهه.
وأما ما كانت الواو فيه للجمع في الأصل فقد بين سيبويه وجوهه فأغنى ذلك عن ذكره.
وقوله بعد ذكر التسمية بضربا : " فإنما كففت في الفعل ـ يعني النون لأنك حين ثنّيت وكانت الفتحة" إلى قوله : " كما كان الكسر في هيهات نظير الفتح في هيهات".
يريد أن الفتح الذي أوجبه البناء في الفعل الماضي. كالفتح الذي يوجبه الإعراب في المستقبل ، يشتركان جميعا في إسقاط نون الجميع في" فعلوا" و" لم يفعلوا" ، فإذا سمي بها ، عادت النون ، وذلك مثل الفتحة في" هيهات" والكسرة في" هيهات" وهما مبنيتان ، أحدهما : جمع وهو هيهات ، والآخر : واحد وهو هيهات ، جعلوا التاء في هيهات مكسورة وإن كانت