هذا باب ما كان على مفاعل أو مفاعيل
ذكر في هذا الباب أن" أفعالا" و" مفعولا" تمتنع من الصرف في المعرفة وإن كانت جمعا لمضارعتها للواحد ، وقوى ذلك ما حكاه عن أبي الخطاب الأخفش أنه سمع العرب يقولون : ثوب أكياش : للخلق ، وبعضهم يقول : أكياش جمع وإن كان واقعا على الثوب كما يقال : قميص أخلاق يراد : أنه ذو قطع مخلقة.
وذكر أن العرب تقول : سدوس : للطّيلسان الأخضر وحكى" جدور" في معنى جدور ، وأتي ، وهو : مسيل الماء ووزنه" فعول" ، فهذا وما أشبهه تقوية لصرف" فعول" من أبنية الجمع إذا سمي به.
واعترض بعض الناس في الجمع الذي أوله مفتوح وثالثه ألف فقال : قد وجدنا في الواحد نظير هذا ، وهو قولهم للضبع حضاجر ، وحضاجر عند سيبويه جمع سميت به (الضبع) وهي معرفة ، والمعارف من أسماء المدن والناس قد تقع بالجموع كقولهم في بعض آبار القبائل : كلاب وفي بعض المدن مدائن. وواحد حضاجر : حضجر ، يقال ضب حضاجر أي ممتلئة ، وسميت الضبع حضاجر لكبر بطنها.
وأما" سراويل" فهي عند سيبويه والنحويين أعجمية وهو اسم واحد وافق بناؤه بناء ما لا ينصرف ، فأجري مجراه ومن الناس من يجعل" سراويل" جمعا لسروالة وجمعه جمعا لقطع الخرق. وأنشد :
* عليه من اللؤم سرواله (١)
وقد ذكره المبرد واعتمد عليه.
والذي عند غيره أن سروالة لغة في سراويل ، والدليل على ذلك أن الشاعر لم يرد : عليه من اللؤم قطعة من السراويل ، هذا بعيد.
والعلة المانعة من صرف هذا الجمع :
ـ أنه جمع وأنه لا نظير له في الواحد.
ـ وفي الجموع ما له نظير فصار لهذا الجمع مزية في البعد عن الواحد ، فكأنه جمع مرتين فصار كالنقلين والعلتين.
ـ ووجه آخر يقال : لمّا لم يحتمل هذا الجمع أن يكسّر ، وفي الجمع ما يحتمل التكسير صار له بذلك مزية في البعد عن الواحد يكسر.
__________________
(١) المقتضب ٣ / ٣٤٦ ، شرح السيرافي الكتاب ٢ / ١٦ وشرحه / ٤ ورقة ٩٦ ، شرح المفصل ١ / ٩٤ ، الهمع ١ / ٢٥ ، الخزانة ١ / ٢٣٣ ، المقاصد النحوية ٤ / ٣٥٤.