ـ ووجه آخر : أنه لما لم يحتمل التكسير أشبه الفعل لأن الفعل لا يجمع فكأن فيه شبه الفعل والجمع ، وقد سقط ألف الجمع تخفيفا ، فيقال : جندل وذلذل يريدون جنادل وذلاذل ، وهي أسافل القميص الطويل ، ويصرفونه لأنه نقص عن البناء المانع للصرف.
وبين سيبويه أن" ثمانيا ورباعيا ويمانيا وشاميا" ـ وإن كان على لفظ الجمع فهو منصرف لأنه منسوب في الأصل ، والألف عوض من إحدى ياءي النسب.
وذكر أنّ بعض العرب ترك صرف" ثمان" على مذهب الجمع كأن الواحد ثمنى والجمع ثمان كما قالوا : ملهى وملاه وأرطى وأراط.
وأنشد :
* يحدو ثماني مولعا بلقاحها |
|
حتّى هممن بزيغة الإرتاج (١) |
فلم يصرف" ثماني" ، وهو قليل ـ عند سيبويه ـ ضعيف.
واعلم أنّ" ياء" النسب إذا دخلت على ما قبلها ولم يجمع. فهو منصرف كقولك : " حواريّ" لأن التقدير أنا نسبناه إلى حوار ، وكذلك رجل حوالي كأنا نسبناه إلى حوال.
ومعنى حوالي : لطيف الحيلة ، حسن التصرف.
وأما" عواديّ"" وحوالي" جمع حولي فإنه لا ينصرف لأنه منسوب قبل الجمع ، ولم يلحق بالنسب بحوال فاعلم ذلك.
هذا باب تسمية المذكر بلفظ الاثنين
والجمع المسلّم
اعلم أن الاسم المثنى إذا سمي به لا يجوز أن يجعل الإعراب في النون ، ويجعل ما قبلها ياء لازمة ، كما جاز ذلك في الجمع ، وإنما يجعل ما قبل نون التثنية ألفا لازمة لأن نظيرها في الكلام موجود نحو : زعفران ، وعثمان وما أشبه ذلك.
وليس في الكلام في آخر الاسم ياء ونون زائدتان ، وقبل الياء فتحة ، فمن أجل ذلك لم يقل : رجلين ومسلمين إذا سمينا بالمثنى ، وأما في الجمع ، فقد وجد نظير في الكلام إذا ألزمت النون الإعراب وجعلوا قبلها ياء لازمة كقولهم : " غسلين" : وما أشبهه.
واعلم أن بعض النحويين يقول : إذا حذف التنوين من جماعة المؤنث إذا سمي بها لم يجز إلا الفتح.
وكان المبرد لا يجوز الفتح. وكلام سيبويه يدل على جوازه وإن لم يفصح بذلك لأنه
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ١٧ ، ما ينصرف وما لا ينصرف ٤٧ ، شرح السيرافي ٤ / ورقة ٩٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٩٧ ، حاشية الصبان ٣ / ٢٤٨ ، الخزانة ١ / ١٥٧ ، المقاصد النحوية ٤ / ٣٥٣.