وقد يجوز في «قلما» أن تجعل «ما» زائدة ، ويرفع وصال «بقل» فكأنك قلت : وقل وصال يدوم ، كما قال الله عز وجل : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء ٥٥].
باب تغيير الإعراب عن وجهه
فمن ذلك قول الشاعر :
* سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا (١) |
والوجه في هذا : الرفع ؛ لأن الفاء لا تنصب في الواجب ، وإنما تنصب في غير الواجب إذا خالف الثاني الأول في المعنى فلم يمكن عطفه في اللفظ.
ومن تغيير الإعراب قول الراجز :
* قد سالم الحيات منه القدما |
|
الأفعوان والشجاع الشجعما (٢) |
وكان الوجه : الأفعوان والشجاع الشجعم ، غير أن قوله : قد سالم الحيات منه القدم ، يوجب أيضا أن القدم قد سالمت الحيات ؛ لأن المسالمة من اثنين ، فلما ذكر مسالمة الحيات القدم ، دل أن القدم قد سالمت أيضا. فكأنه قال : وسالمت القدم الشجاع ، فحذف لما ذكرنا.
ومن ذلك قوله :
* وجدنا الصالحين لهم جزاء |
|
وجنات وعينا سلسبيلا (٣) |
فنصب «جنات» وما بعدها ، وكان الوجه الرفع عطفا على «جزاء» ، غير أنه لما قال :وجدنا الصالحين لهم جزاء ، دل على أنه قد وجد الجزاء لهم ، فأضمر «وجدنا» ونصب به «جنات» وما بعدها.
ومن ذلك بيت أنشده سيبويه على وجه الضرورة ويجعله غيره على غير الضرورة وهو قول الشماخ :
* أقامت على ربعيهما جارتا صفا |
|
كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما (٤) |
قال سيبويه : «هذا مثل : هند حسنة وجهها».
وهذا قبيح لا يجوز في الكلام ، وإنما الوجه أن تقول :
هند حسنة الوجه ، أو حسنة الوجه.
فإن رفعت الوجه ، جعلت فيه ضميرا من الأول ، فقلت : حسن وجهها.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ٤٢٣ ، المقتضب ٢ / ٢٢ ، شرح النحاس ٢٧٧.
(٢) ديوان العجاج ٨٩ ، شرح الأعلم ١٤٥ ، معاني القرآن ٣ / ١١ ، المقتضب ٣ / ٢٨٣.
(٣) شرح الأعلم ١ / ١٤٦ ، النكت ٤٠٥ ، المقتضب ٣ / ٢٨٤ ، شرح النحاس ١٣٢.
(٤) ديوان الشماخ ٨٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ١٠٢ ، شرح السيرافي ٢ / ١٩٣.