لأن هذه الحروف عليها يقع تعليم الخط بالسرياني ، وهي معارف لا تدخلها الألف واللام ـ فاعلم ذلك.
هذا باب ما جاء معدولا عن حده من المؤنث كما جاء المذكر معدولا
اعلم أنك إذا سميت امرأة بشيء من العدول عن الفعل فإن بني تميم ترفعه وتنصبه ، وتجريه مجرى اسم لا ينصرف ، وهو القياس عند سيبويه.
واحتج بأن نزال في معنى أنزل. ولو سمينا" بأنزل" امرأة لكنا نجعلها معرفة ولا نصرفها ، فإذا عدلنا عنها نزال وهي اسم فهي أخف من الفعل الذي هو أفعل ، وقد رد هذا المبرد ، فقال (أبو) العباس قول أهل الحجاز ، لأن أهل الحجاز : يجرون ذلك مجراه في الأول فيكسرون ، ويقولون فيه كما يقولون في امرأة اسمها حذام : هذه حذام ، ورأيت حذام ، ومررت بحذام. وبنو تميم يقولون : هذه حذام ورأيت حذام ومررت بحذام ، فالتسمية" بنزال" أقوى في البناء من التسمية" بأنزل" لأن" أنزل" فعل ، فإذا سمينا به فقد نقلناه عن بابه فلزمه التغير ، كما أنا نقطع ألف الوصل ، فنغيرها عن حال الفعل.
و" فعال" اسم ، فإذا سمينا بها لم نغيرها ؛ لأنا لم نخرجها عن الاسمية ، فلما لم تخرج عن الاسمية ، أجريت على لفظها الأول.
قوله : " فمما جاء آخره الراء : سفار وهو اسم ماء وحضار وهو اسم كوكب. لأنهما مونثان كماوية والشعري كأن تلك اسم الماءة. وهذه اسم الكوكبة".
أراد سيبويه أن" سفار" وإن كان اسما لماء ـ والماء مذكر ـ فإن العرب قد تؤنث بعض مياهها ، فيقولون : " ماء بني فلان" فكأن" سفار" اسم الماءة ، و" حضار" وإن كان اسم الكوكب ، والكوكب مذكر ، فكأنه اسم الكوكبة في التقدير ؛ لأن العرب قد أنثت بعض الكواكب فقالوا : الشعرى والزهرة.
وأما قوله : " كماوية" ، فإنما أراد أن" سفار" و" حضار" في التأنيث كماوية والشعري.
والأغلب أن التمثيل" بماوية" ، غلط وقع في الكتاب وإن كانت كل نسخ متفقة عليها ، وإنما هو : كماءة" وهو أشبه ؛ لأن" سفار" : ماء والعرب قد تقول للماء المورود : ماءة.
وأنشد في ما جاء اسما للفعل قول الراجز :
* مناعها من إبل مناعها |
|
ألا ترى الموت لدى أرباعها؟ (١) |
الأرباع : جمع ربع وهو : ما نتج في الربيع.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٢٣ ، ٢ / ٣٦ ، المقتضب ٣ / ٣٦٩ ، ما ينصرف وما لا ينصرف ٧٢ ، شرح النحاس ١١٨ ، السيرافي ٤ / ورقة ١١٥.