* سوّى مساحيهنّ تقطيط الحقق (١)
أسكن الياء في" مساحيهن" ؛ لأنه قد كان سكنها في حال الرفع والجر فألحق النصب بها ، وشبهها بالألف ، لأنها أختها ، والألف لا تتحرك ألبتة ، ونصب" تقطيط" ، لأن معنى سوى : قطط. والقط : قطع الشيء وتسويته. الحقق : جمع حقة ، وهو طرف الطي.
وأنشد لبعض السعديين في مثل هذا :
* يا دار هند عفت إلا أثافيها (٢)
فسكن الياء في النصب ، تقول : تغيرت الدار وعفت رسومها لقدم عهدها إلا الأثافي وموضع النار فإنها باقية.
هذا باب ما ينصرف وما لا ينصرف من بنات
الياء والواو إذا كانتا لامين
اعلم أن التنوين الذي دخل المعتل ، وإن كان نظيره لا ينصرف ، فإن سيبويه يجعله بدلا من الياء.
وكان المبرد يخالفه فيقول : إنه بدل من ذهاب حركة الياء لاستثقالها لما انكسر ما قبلها ، فتبقى الياء ساكنة ولا تسقط حتى يدخل التنوين وهو ساكن ، فوجب من هذا أن يكون التنوين أتى به عوضا من ذهاب الحركة ثم التقى ساكنان فأسقطت الياء.
فإن قال قائل : كيف نجعل التنوين في مذهب سيبويه عوضا من الياء ، ولا طريق إلى حذف الياء قبل دخول التنوين ؛ لأن سقوط الياء لاجتماع الساكنين هي التنوين؟
قيل له : تقدير هذا أن أصل جواري جواري ، فيكون التنوين لما يستحقه الاسم من الصرف في الأصل ، ثم استثقلوا الضمة على الياء في الرفع والكسر عليهما في الجر ، فأسكنوها فاجتمع ساكنان : الياء والتنوين ، فحذفوا الياء لاجتماع الساكنين ثم حذفوا التنوين لمنع هذا البناء الصرف ؛ لأن الياء منونة ، وإن كانت محذوفة ، ثم عوضوا من الياء المحذوفة تنوينا غير تنوين الصرف ، فهذا الذي يتوجه من كلام سيبويه.
وبعض أصحاب سيبويه جعل قوله : " عوضا من الياء" ، على معنى : عوضا من حركة الياء وأجراه مجرى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢].
__________________
(١) ديوانه ١٠٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٥٥ ، المقتضب ٤ / ٢٢ ، الكامل ٣ / ٢١ ، ما ينصرف ١٠٩ ، شرح النحاس ٣١٨ ، شرح السيرافي ٤ / ١٣٢ ، المنصف ٢ / ١١٤ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٣٨ ، شرح المفصل ١٠ / ١٠٣.
(٢) ديوانه ١١١ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٥٥ ، شرح النحاس ٣١٩ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣١٩ ، شرح السيرافي ٤ / ١٣٢ ، الخصائص ١ / ٣٠٧ ، المنصف ٢ / ١٧٥.