وهذا مثل قول المبرد الذي ذكرنا.
قوله : ولو سميت رجلا بقيل ، فيمن ضم القاف.
يعني : من أشمها الضم ، لا في قول من قال : قول بواو محضة قال : تكسرها إذا سميت ، وتزيل الإشمام حتى تكون كبيض.
قال : وإنما أراد الفرق بين الاسم والفعل ؛ لأن الضم اختص به الفعل ليبين معنى فعل.
قال : " وإن سميت رجلا قل أو خف أو بع رددت ما سقط من أجل سكون الأول والآخر فقلت : قول وخاف وبيع واحتج للرد بأن قال : فإذا قلت قولا أو خافا أو بيعا .. أظهرت التحريك.
لم يرد أن الحروف رجعت لدخول ألف التثنية وواو الجمع ؛ لأنك تقول : " هند رمت" فتحذف الألف من رمى لسكونها وسكون التاء ثم تثنى ، فتقول : " الهندان رمتا" فلا ترد الألف لتحرك التاء ، وإنما أصل : قولا : قولان لأن الأمر من المستقبل ، وكان في الأصل يقولان ، فلما وقع الأمر سقطت النون كما تسقط للجزم ، وإنما أراد بهذا أن الواو تسقط من" قل" حيث كانت اللام ساكنة لاجتماع الساكنين.
وأنشد للراجز في ما قلب من الواو إلى الياء ليكون على قياس الأسماء :
* حتى تفضي عرقي الدّليّ. (١)
فجمع" عرقوة" بحذف الهاء ، فصارت الواو ظرفا وقبلها حركة ، وذلك معدوم في الأسماء فكسر ما قبلها لتنقلب ياء فتوافق سائر الأسماء. وتفضي : تكسري.
وأنشد للهذلي :
* أبيت على معاري واضحات |
|
بهنّ ملوب كدم العباط (٢) |
استشهد به على أنه اضطر إلى تحريك الياء في" معاري".
فإن قال قائل : ليس فيه ضرورة ؛ لأن الشاعر لو قال على معار واضحات لاستوى البيت.
فالجواب : أن الضرورة فيه أن الشاعر كره الزحاف فرد الكلمة إلى أصلها ، وجعل الياء كالصحيح ضرورة. والمعاري : جمع معري وهي الأرض التي عريت من النبات والملوب هنا : الدم ويقال للصبغ : ملاب. والعباط : جمع عبيط وهي التي نحرت من غير علة ، وقيل المعاري
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٥٦ ، المقتضب ١ / ١٨٨ ، شرح السيرافي ٤ / ١٣٣ ، الخصائص ١ / ٢٣٥ ، المنصف ٢ / ١٢٠.
(٢) ديوان الهذليين ٢ / ٢٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٥٨ ، شرح السيرافي ٤ / ورقة ١٣٥ ، الخصائص ٢ / ٣٣٤ ، المنصرف ٦٧ / ٢ ، ٧٥ ، ٦٧ / ٣ ما يجوز للشاعر في الضرورة ١١٦.