التأنيث ، ومن حيث وجب رد بنت في النسبة إلى الأصل ، وحذف التاء منها ، وجب رد كلتا إلى الأصل ، وحذف التاء ثم تقلب ألف التأنيث فقال : كلوي.
من أجل ذلك فسر بعض النحويين أن التاء في كلتا عوض الواو وهذا غير خارج عما قلناه لأنّا نقول : إن الألف في اسم ما جرى مجراه عوض مما حذف ، ولا يمنع ذلك من رده إلى الأصل في النسبة.
ومن قال : إن التاء بدل من الواو كما يبدل الحرف مكان الحرف في نحو قولك : ستة ، والأصل" سدسة" ، لزمه أن يقول : كلتي.
وكان الجرمي يقول : كلتا : فعتل ، والتاء زائدة ، والألف من الأصل ، والنسبة إليها : كلتوي ، كما يقال في ملهى : ملهويّ وليس هذا بقول مختار ؛ لأن زيادة التاء قبل لام الفعل في هذا غير موجود ، ولا يعلم له نظير.
قال سيبويه : " ومن قال في التثنية فمان ، جاز أن يقول فمي وفموي ، ومن قال : فموان فلا يجوز فيه إلا فموي".
وكان المبرد يقول : من لم يقل (فمي) فحقه أن يرده إلى الأصل ، فوه فيقول : فوهيّ.
وإنما ذهب سيبويه في فموي إلى قول الشاعر :
* هما نفثا في فيّ من فمويهما |
|
على النابح العاوي أشدّ رجام (١) |
فلما رد الواو في التثنية ، وجب ردها في التثنية.
ومعنى البيت : أنه ذكر رجلين شاعرين نزع إليهما في قول الشعر وورثه عنهما ، وأراد بالنابح : من هاجاه. والرّجام : المواجهة بالهجو والقذف به ، وإنما جعل الهجو رجما لما جعل المهاجي نابحا عاويا.
فإن قال قائل : لم رد الشاعر الواو في التثنية ، والميم بدل منها؟ قيل له : لا ينكر في الضرورة مثل ذلك ؛ لأنه ربما زيد على الكلمة حرف من لفظ ما هو موجود فيها كقولهم : قطن وجبن فكيف من لفظ ما قد غير؟
ـ ويجوز أن يكون لما كان الساقط من بنات الحرفين إذا كان أخيرا والأغلب أن يكون واوا لأنه رأى الفم على حرفين.
ـ وقال بعضهم : إن الميم بدل من الهاء وإن الساقط من فم هو الواو فلذلك ردّها.
__________________
(١) ديوان الفرزدق ٢ / ٧٧ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٨٣ ، المقتضب ٣ / ١٥٨ ، مجالس العلماء ٢٥١ ، شرح السيرافي ٤ / ١٦١ ، المسائل البغداديات ١٥٨ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٢٨ ، الخصائص (١ / ١٧٠ / ١٤٧) ، الإنصاف ١ / ٣٤٥ ، همع الهوامع ١ / ٥٥ ، الخزانة ٤ / ٣٦ ، اللسان ١٢ / ٤٥٩ (فوه) ١٣ / ٥٩٨.