هذا باب إضافة المنقوص إلى الياء التي هي علامة المجرور المضمر
هذا الباب والذي بعده مفهوم من كلام سيبويه إن شاء الله.
هذا باب التصغير
اعلم أن التصغير يجئ على وجوه ، منها : تقليل ما يجوز أن يتوهم كثيرا أو تحقير ما يجوز أن يتوهم عظيما أو تقريب ما يجوز أن يتوهم بعيدا.
فأما التقليل فقولك : دريهمات.
وأما التحقير : فقولك : كليب ورجيل
وأما التقريب فكقولك : جئتك قبيل شهر رمضان وبعيده.
واعلم أن المصغر يدل بما يزاد فيه على صفته في القلة والصغر والقرب فتغني علامة التصغير عن الصفة فإذا قلت : مررت بكليب أغنى التصغير عن قولك : كلب صغير.
وقال بعض النحويين : قد يكون التصغير لتعظيم الأمر وأنشدوا :
* وكلّ أناس سوف تدخل بينهم |
|
دويهيّة تصفرّ منها الأنامل (١) |
فقالوا : دويهة يريد تعظيم الداهية.
وقالوا : قد يقول الرجل للرجل : يا أخيّ إذا أراد المبالغة ويا صديقي وليس الأمر كما ظنوا في ما احتجوا به أما دويهة فإن الشاعر أراد بها الصغر ؛ لأن حتف الإنسان يكون بصغير الأمر الذي لا يؤبه له ولا يترقب. وأما أخيّ وصديقي فإنما يراد به لطف المنزلة ، واللطيف من المنازل في الصداقة والأخوة ، إنما المدح فيه أنّه يصل بلطافة ما بينهما إلى ما لا يصل ـ إليه العظيم فهو من باب التصغير والتلطيف ، لا من باب التعظيم.
واعلم أن الاسم المصغر قد خص له أوله بالضم لأنّا إذا صغرنا ، فلا بد من تغيير المكبر عن لفظه بعلامة تلزم الدلالة على التصغير ، وكان الضم أولى بذلك ؛ لأنهم قد جعلوا الفتح للجمع في قولهم" مساجد" و" قنادل" وما أشبه ذلك ، فلم يبق إلا الكسر والضم ، فاختاروا الضم لأن الياء علامة التصغير ويقع بعد الياء حرف مكسور في ما زاد على ثلاثة أحرف ، فلو كسروا أوله لاجتمعت كسرتان وياءان ، فعدلوا عنها لثقل ذلك إلى ما يقاوم الياء والكسرة مما يخالفها ، فاعلمه.
هذا باب تصغير ما كان على خمسة أحرف
جميع ما في هذا الباب بين إن شاء الله.
__________________
(١) ديوان لبيد ٢٥٦ ، شرح السيرافي ٤ / ١٨٨ ، الإنصاف ١ / ١٣٩ ، شرح المفصل ٥ / ١١٤ ، مغني اللبيب ١ / ٦٦ ، ٢٢٨ ، ٣٥٧ ، الهمع ٢ / ١٨٥ ، شرح شواهد المغني ١ / ٤٠٢ ، حاشية الصبان ٤ / ١٥٧ ، الخزانة ٦ / ١٥٩ ، المقاصد النحوية ٤ / ٥٣٥.