* وصاليات ككما يؤثفين (١)
جعل الكاف الثانية بمنزلة : «مثل» وأدخل عليها الكاف الأولى ، وأخرج «يؤثفين» على الأصل ؛ لأن الأصل في أفعل : أأفعل ، وفي أكرم أأكرم ، فحذف إحدى الهمزتين للثقل ، ثم أتبع بعض الفعل بعضا. فإذا اضطر الشاعر رده إلى الأصل.
واختلفوا في وزن : يؤثفين ، فقال قوم : يؤفعلن. والهمزة زائدة ، والثاء فاء الفعل. وكان ينبغي أن يكون يثفين ، فرد إلى الأصل للضرورة كما بينا. ومن قال هذا ، جعل أثفية : أفعولة ، ويستدل على ذلك بقول العرب : ثفّيت القدر : إذا جعلتها على الأثافي.
وقال آخرون : يؤثفين وزنه : يفعلين بمنزلة : يسلقين من قولك : سلقى يسلقي. فالهمزة فاء الفعل.
وأثفيّة على هذا القول : فعلّيّة ، والدليل على ذلك قول العرب : تأثفني القوم إذا صاروا حولك كالأثافي.
فتأثف : تفعل ، والهمزة فاء الفعل.
ومعنى يؤثفين : يجعلن أثافي. شبه دورا مات أهلها وهي قائمة بالصاليات ـ وهي الأثافي ـ قد أوقد عليها فكذلك هذه الدور ، كما كانت في حياة أهلها كذا فسره ابن النحاس وظاهره أن الراجز وصف الأثافي ، وذكر أنها على حالها إذا كانت تؤثفي ، وكانت قديمة العهد بالاستعمال.
وأنشد الأخفش للعجير السلولي :
* فبيناه يشري رحله قال قائل |
|
لمن جمل رخو الملاط نجيب |
أراد : «فبينا هو».
والملاط : الجنب. والملاط : العضد أيضا. ومعنى يشرى ههنا : يبيع.
والمعنى : أنه قد كان فقده ، فجعل يبيع رحله حتى يشتريه.
وأنشد الأخفش للفرزدق :
* وما مثله في الناس إلا مملكا |
|
أبو أمه حي أبوه يقاربه (٢) |
يمدح بهذا البيت إبراهيم بن هشام بن إسماعيل.
يريد : ما مثل إبراهيم في الناس حي يقاربه إلا مملك يعني : هشام بن عبد الملك أبو أم ذلك المملك ، يعني : هشاما أبا هذا الممدوح ، يعني إبراهيم فدل بهذا أن الممدوح خال هشام. ونصب «مملكا» لأنه استثناء مقدم.
__________________
(١) شرح الأعلم (١ / ١٣ ـ ٢٠٣ ـ ٣٣١) ، المقتضب ٢ / ٩٧ ، مجالس ثعلب ١ / ٣٩ ، الائتناف ١٩٣.
(٢) شرح السيرافي ٢ / ١٧٣ ، الخصائص (١ / ١٤٦ ـ ٣٢٩ ، ٢ / ٣٩٣).