فإن قال قائل : لو سميت امرأة" بحجر" أو" جبل" وما أشبه ذلك من المذكر ثم صغرته ، أدخلت هاء فقلت : " حجيرة" و" جبيلة" وإذا وصفت المؤنث بالمذكر ثم صغرته لم تلحق الهاء؟.
قيل له : الأسماء لا يراد بها حقائق الأشياء ، أو الشبيه بحقائق الأشياء ألا ترى
أنّا إذا سمينا شيئا" بحجر" فليس الغرض أن نجعله حجرا وإنما أردنا إبانته كما سمينا إبراهيم وإسماعيل وما أشبه ذلك.
وإذا وصفنا به وأخبرنا عنه ، فإنما نريد الشيء بعينه أو التشبيه ، فصار كأن المذكر ، ثم لم يزل.
ألا ترى أنّا إذا قلنا : امرأة عدل ، ففيها عدالة ، وإذا قلت للمرأة : " ما أنت إلا رجل" فتقديره : ما أنت إلا مثل رجل وكذلك : أنت حجر إذا لم يكن اسما لها ، تريد مثل حجر في الصلابة والشدة فاعلم ذلك.
هذا باب ما يحقّر على غير بناء مكبّره والمستعمل في الكلام
هذا باب من نوادر التصغير وشواذه ، وجميع ما وقع فيه الشذوذ من أسماء العشايا فقط.
والعلة فيه : أنّه لما خالف معنى التصغير فيه ، معنى التصغير في غيره ، من الأيام خولف بلفظه ، كما فعل ذلك في باب النسبة ومخالفة معناه لغيره أن تصغيره اليوم في ما ذكرنا يقع لأحد الأمرين : إمّا لتحقير اليوم والوقت نفسه ونقصانه من غيره وإما لقلة الانتفاع به.
وقولهم : " مغيربان" إنما تصغير للدلالة على قرب باقي النهار من الليل ، كما أنك إن نسبت إلى رجل اسمه" جمّة" أو" لحية" أو" رقبة" قلت : " جمي" و" لحي" و" رقبي" ففصلوا بين لفظي النسبة لاختلاف المعاني وكذلك في التصغير.
وأما قولهم : أصيلال ففيه شذوذ من ثلاثة أوجه :
أحدهما : أنّه أبدل اللام من النون في" أصيلان".
و" أصيلال" تصغير : أصلان ، و" أصلان" : جمع أصيل مثل رغيف ورغفان و" فعلان" من أبنية الجمع الكثير الذي لا يصغر لفظه ، وإنما يرد إلى واحده ، وكان حق أصيل إذا صغر أن يقال : أصيل على لفظ الواحد ، فصار فيه نقل الواحد إلى الجمع وتصغير الجمع ، الذي لا يصغر مثله ، وإبدال اللام من النون.
ثم ذكر سيبويه غدوة وسحر وضحى وتصغيرهن على ما يوجبه القياس ليريك أنّه من غير باب" مغيربان" و" عشيان".
وأنشد للنابغة الجعدي :