وأنشد سيبويه :
* قد شربت إلّا دهيدهينا |
|
قليصات وأبيكرينا (١) |
قال : والدّهداه : حاشية الإبل ورذالها فكأنه حقّر دهاده ، فرده إلى الواحد وهو دهداه ، وأدخل الياء والنون كما تدخل في أرضين.
وأما" أبيكرين" فالواحد منها" بكر" ، ثم جمعه على" أبكر" ثم جمع أبكر فصار" أباكر" فلما صغر" أباكر" رده إلى الجمع الذي أقامه مقام الواحد ، فجمعه ثم صغّره وكان القياس أن يقول : " أبيكرات" فجعل مكان الألف والتاء والياء والنون كما فعل" بدهيدهين" ، فاعلمه.
هذا باب حروف الإضافة إلى المحلوف به وسقوطها
ذكر في هذا الباب أنّ العرب قد تحذف حرف القسم من اسم الله عز وجل ، وقوّى ذلك بقول العرب : «لاه أبوك». وأصله لله أبوك ، فحذف لام الجر ولام التعريف ، وقد ذكرت هذا في ما تقدم من الكتاب ، وبيّنت اختلاف سيبويه والمبرد فيه.
قال سيبويه : قال بعض العرب : لهى أبوك فبناه على الفتح وهو مقلوب من لاه أبوك وهذا مما يحتج به على المبرد ، لأنّه يزعم أنّ اللام في لاه لام الجر.
والمحذوف عنده لام التعريف واللام الأصلية. فيقال له :
إذا كانت اللام للجر فهلّا كسروها في لهى أبوك؟. وحجته : أنّهم لما قلبوا. كرهوا إحداث تغيير آخر مع الحذف الكثير ـ الذي في لأه ـ والقلب ، وإنما بنى لهى لأنه حذف منه لام الجر ولام التعريف ، ثم قلب فاختاروا له لفظا واحدا من أخف ما يستعمل حتى يكون على ثلاثة أحرف أوسطها ساكن وأخرها مفتوح.
ومما يقال في ذلك : إنّهم لما قلبوا ـ وصغروا ـ وضعوا الهاء موضع الألف
وسكنوها كما كانت الألف ساكنة ، ثم قلبوا الألف لاجتماع الساكنين ؛ لأنهم لو تركوها ألفا وقبلها الهاء ساكنة ، لم يمكن النطق بها ، فردوها إلى الياء وهي أخف من الواو ، ثم فتحوها لاجتماع الساكنين كما فتحوا آخر أين.
وأنشد سيبويه لأمية بن أبي عائذ :
* لله يبقى على الأيّام ذو حيد |
|
بمشمخر به الظّيان والآس (٢) |
استشهد به على أن في اللام معنى التعجب.
فعلى هذا لا يجوز حذف اللام لئلا يذهب المعنى. ويروى : حيد بفتح الحاء
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ١٤٢ ، شرح السيرافي ٤ / ٢٢٩ ، الخزانة ٨ / ٥٠ ، اللسان بكر ٤ / ٧٩ ، يمن ١٣ / ٤٦٠.
(٢) تقدم تخريج الشاهد.