من عمرو ، فحدثت عن زيد بذلك الذهاب ، وحدثت عن عمرو بالجلوس. والمحدث به عن الأسماء هو المصادر. والأسماء ههنا هم المسمون الفاعلون ، كأنه أراد : أصحاب الأسماء.
قوله : «ليست الأمثلة بالأحداث ولا ما يكون منه الأحداث»
يعني أن قولك : قام ويقوم وما أشبه من الأمثلة ، ليست هي المصادر ؛ لأن الفعل يدل على مصادر وأزمنة ، فليست الأفعال وحدها بالأزمنة ، ولا هي وحدها المصادر ، ولا هي أيضا الفاعلون الذين تكون منهم الأحداث كزيد وعمرو وسائر الأسماء.
باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعول
قوله : «فإن قدمت المفعول وأخرت الفاعل» إلى قوله «ولم ترد أن تشغل الفعل بأول منه».
اعلم أن قولهم : «ضرب زيدا عبد الله» ، جار على غير الرتبة. وذلك أن حكم الفاعل :التقديم ، لافتقار الفعل إليه ، ولكنهم قدموا المفعول لدلالة الإعراب عليه فاكتسبوا بتقديمه ضربا من التوسع في الكلام ؛ لأن في كلامهم : الشعر المقفى والكلام المسجع.
وربما اتفق أن يكون السجع في الفاعل فيؤخرونه لذلك.
ومعنى قوله : «ولم ترد أن تشغل الفعل بأول منه» يعني : بالمفعول الذي هو قبله.
قوله : «وإذا قلت : ضرب عبد الله ، لم يستبن أن المفعول زيد أو عمرو».
يريد أن «ضرب عبد الله» في تعديه إلى «زيد» ، بمنزلة «ذهب عبد الله» في تعديه إلى الذهاب ، وذلك أنك إذا قلت : «ذهب عبد الله» ، فقولك : «ذهب» ، يدل على ضرب من المصادر والأحداث دون سائرها وهو الذهاب.
وإذا قلت : «ضرب عبد الله» أمكن أن يكون الضرب واقعا من جميع الأسماء. فمفعول الضرب لم تدل عليه صيغة فعله كما دلت على المصدر.
ثم ذكر سيبويه تعدي الفعل إلى أنواع المصادر لدلالته عليها وقال : «فمن ذلك : قعد القرفصاء ، واشتمل الصماء ، ورجع القهقرى».
اعلم أن المصادر على ثلاثة أنحاء :
ـ فنحو منها : يدل على المصدر فقط ، كقولك : ضرب زيد ضربا ، يدل على نوع الضرب ، ولا يدل على مرة ولا على مرتين ولا على صفة دون صفة.
ـ والنحو الثاني : يدل على الكمية والعدد كقولك : قعد قعدتين وضرب ضربتين.
ـ والنحو الثالث : يدل على كيفية المصدر نحو : قعد القرفصاء ، واشتمل الصماء ، ورجع القهقرى ، وقعد قعدة سوء.
ـ وذلك أن القرفصاء ضرب لا يقع على كل قعود وهو أن يقعد مشتملا