النون الخفيفة إذا لقيتها ألف وصل سقطت ، ونون" لكن" و" أن" لا تسقط ، فعلم أنّها غير مخففة من الثقيلة.
قال الخليل : إذا أردت النّون الخفيفة في فعل الاثنين كان بمنزلة إذا لم ترد الخفيفة.
فإن اعترض معترض فقال : كيف يجوز أن تريد النون الخفيفة ، وأنت لا تجيز دخولها بوجه على فعل الاثنين؟
فالجواب في ذلك : أن رجلا يكون من عادته إدخال النون في فعل الواحد والجماعة ، ولضرب ما ينويه من التوكيد إذا أمر ، فإذا عرض له أمر الاثنين ، فأراد التوكيد ، لم يجاوز لفظ الاثنين بلا توكيد وإن أراد التوكيد الذي جرت به عادته.
ثم احتج سيبويه في إبطال : " اضربان نعمان". بأن قال : " لو جاز هذا" لجاز أن يقول : " جيئوني" و" جيئوا نعمان" إذا أردت النون الخفيفة. وذلك أنا ندخل النون الخفيفة على جيئوا فتقول : " جيئن يا قوم". فتحذف الواو التي في جيئوا لاجتماع الساكنين ، فإذا وصلنا نون المتكلم ونون نعمان اندغمت فيه النون الخفيفة ولا ترد الواو وإن كان بعدها نون مشددة ؛ لأنها قد سقطت لاجتماع الساكنين ، والتشديد غير لازم.
قال : " وأما يونس ومن ذهب مذهبه فيقول : اضربان واضربنان ، وهذا لم تقله العرب ويقولون في الوقف : اضربا واضربنا فيمدون ، وهو قياس قولهم لأنها تصير ألفا ، فإذا اجتمعت ألفان مد الحرف".
وكان المازني والمبرد يفسران مذهب يونس كما فسره سيبويه.
وكان الزجاج ينكر هذا ويقول : لو مددت الألف الواحدة طال مدها ما زادت على الألف ؛ لأن الألف حرف لا يكرر ولا يؤتى بعدها بمثلها.
والذي قاله سيبويه ليس بمنكر لأنه يقدر أن ذلك المد الذي زاد بعد النطق بالألف الأولى يرام به ألف أخرى وإن لم ينكشف في اللفظ كل الانكشاف.
ثم قال سيبويه على قياس قولهم : فإذا لقي هذه النون ألف ولام ، أو ألف موصولة جعلوها همزة مخففة وفتحوها. ثم رد عليهم فقال : " إنما القياس أن يقولوا : اضربا الرّجل كما يكون بغير النّون الخفيفة".
يعني أنّهم إذا قالوا : " اضربان" ، فقد جعلوها بمنزلة : " اضربن زيدا" فينبغي لهم أن يحذفوها إذا لقيها الذي وصل كما يحذفون النون في" أضربن" إذا لقيتها ألف وصل. فإذا حذفوها ، حذفوا الألف التي قبلها أيضا لاجتماع الساكنين فيبقى كلفظ الاثنين إذا لم يكن فيها نون كقولك : " اضربا الرجل". فاعرفه إن شاء الله.