قال : " وقد قالوا الكماة والمراة".
هذا عند سيبويه وأصحابه غير مطرد ، وهو عند الكوفيين مطرد ، والذي قال : الكمأة ، قلب الهمزة لإنهاجها وفتح ما قبلها لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا والوجه : " الكمة" و" المرة" لا يكون على ما بينا.
قوله : " وقال الذين يخففون : (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النمل : ٢٥] إلى قوله : فلم يكن ليلتقي ساكن وحرف هذه قصته".
يعني أنك إذا خففت الهمزة التي قبلها ساكن ، لم يجز أن تجعلها بين بين فتنحو بها نحو الساكن ؛ لأن ذلك كالجمع بين ساكنين.
ثم قال : " ولم يبدلوا ؛ لأنهم كرهوا أن يدخلوها في بنات الواو والياء اللتين هما لامان".
يعني : أنّهم لم يقولوا : " الخبؤ" ولا" الخبئ" ، وكذلك ما كان من نحو هذا كدفء وملء ولا يقال فيه عند سيبويه : " دفو" ولا" دفى" ولا" ملى" ، ولكن تلقى حركة الهمزة على الحرف الذي قبلها وتحذف.
وقد أجاز الإبدال الكوفيون ، وأبو زيد من البصريين ، فاعلمه.
قوله : " وإنما تحتمل الهمزة أن تكون بين بين" إلى قوله : " فجاز ذلك فيها".
يعني : أن همزة بين بين ، لا تقع بعد ساكن إلا الألف نحو قولك : في قائل" قايل" ، وإنما كانت كذلك في الألف وحدها ؛ لأن الألف لا يمكن إلقاء الحركة عليها.
وقوله : " ولا يبالي إن كانت الهمزة في موضع الفاء أو العين أو اللام إلى قوله إلا في موضع لو كان فيه ساكن جاز".
يعني أن همزة بين بين لا تقع إلا في موضع يقع فيه الساكن ؛ لأنه ينحى بها نحو الساكن.
فإن قال قائل : قد جعلت الهمزة في قوله : " آأن رأت رجلا". بين بين ، فلا يصلح أن يكون في موضعها ساكن لأن النون التي بعدها ساكنة فيجتمع ساكنان.
قيل له : موضع الهمزة يجوز أن يقع فيه ساكن ، لأنه بعد حرف متحرك ، ولكن متى وقع فيه ساكن ، لم يجز أن يأتي ساكن آخر لئلا يجتمع ساكنان ، وهمزة بين بين وإن كانت لا تقع إلا في موضع يقع فيه الساكن.
قوله بعد أن ذكر تخفيف" رأى" و" أرى" و" ترى" :
" غير أن كل شيء كان في أوله زائدة سوى ألف الوصل من رأيت فقد اجتمعت العرب على تخفيفه لكثرة استعمالهم إياه وجعلوا الهمزة تعاقب".
يعني : أن كل شيء في أوله زائدة كألف المتكلم وسائر حروف المضارعة ، فإن العرب تلزمه التخفيف وحذف الهمزة.