قوله : " وأما أهل الحجاز (إذا أدخلوا ألف الاستفهام) إلى قوله : " فكرهوا التقاء الهمزة والذي هو بين بين".
يعني : أن أهل الحجاز يدخلون بين الهمزتين ألفا ، لئلا تلتقي همزتان ، ثم يلينون الثانية.
وبنو تميم لينوا الثانية من غير إدخال ألف بينهما ، ومذهب أهل الحجاز في ذلك أن همزة بين بين ، في نية الهمزة فكرهوا ألا يدخلوا الألف بينهما إذا كانت همزة بين بين كالهمزة في النية.
قوله : " وأما خطايا ، فكأنهم قلبوا ياء أبدلت من آخر خطايا ألفا" إلى قوله :
" أو بدلا مما هو من نفس الحرف".
اعلم أن الأصل في" خطايا" : " خطائي" ، وذلك أن واحدها" خطيئة" على" فعيلة" ولامها همزة ، فإذا جمعتها على" فعائل" انقلبت ياء" فعيلة" همزة أيضا ، فصارت : " خطائى" ، ثم إنّهم أرادوا أن يفرقوا بين ما كانت الهمزة في واحد.
و" خطائي" لم تكن الهمزة في واحدة أعني : الهمزة التي هي بدل من الياء.
وإنما هي عارضة في الجمع ، فواو الجمع الذي عرضت فيه الهمزة أحق بالتغيير من الجمع الذي الهمزة في واحده ، فقالوا : " خطاءا" ، فجعلوا مكان الياء ألفا وجعلوا قلب الياء ألفا لازما في ذلك ، وذلك أنّهم يقلبون الياء ألفا طلبا للتخفيف لأن الألف أخف من الياء فيقولون في مدار : مداري ، فلما قلبوها ألفا في" خطاءا" اجتمعت ألفان بينهما همزة مفتوحة ، والهمزة تشبه الألف فصارت كثلاث ألفات فقلبوا الهمزة ياء فقالوا : " خطايا" ولم يقلبوها واوا لأن الياء أقرب إلى الألف من الواو ، فلم يرد إبعادها عن شبه الحرفين اللذين اكتنفاها.
وكان الخليل يقدّر على هذا التقدير ، ويقول : إن خطيئة لما جمعناها قدمنا ياء الفعل على ياء" فعيلة" ، فوقعت لام الفعل بعد ألف الجمع ، فصار" خطاءي" وهذه الياء بعد الهمزة هي ياء فعيلة.
وكذلك مذهبه في" جاء". وقد أنكر ذلك عليه المبرد وادعى عليه المناقضة ، وذلك أن الهمزة إذا كانت غير عارضة في الجمع ، لم يجب تغيير الجمع كقولك :
" جائية" و" جواء" فقال : إذا كانت الهمزة في خطأ هي الهمزة التي كانت في الواحد فهي غير عارضة في الجمع فينبغي أن لا تغير في الجمع.
وللخليل أن يقول : إني فرقت بالتعبير بين ما كانت الهمزة فيه مقدمة من آخره إلى أوسطه في الجمع ، وبين ما لم يعرض ذلك له في الجمع ولكن يجعل العلة : تقديمها عارضة في الجمع فاعلمه.
وقال بعض النحويين في قلب الياء في خطايا ونحوها قولا قويا ، وهو : أن الياء لو لم تقلب ألفا لوجب إسقاطها في الوقف كما يقال : جوار وغواش ، فإذا أسقطنا الياء ، بقيت الهمزة ساكنة في الوقف وهي خفيفة في الوقف جدا ، فاختاروا قلب الباء ألفا لذلك.