قوله : " ألا ترى أن ناسا : يحققون الهمزة فإذا صارت بين ألفين خففوا ، وذلك قولك : كساآن ، ورأيت كساء".
أراد بهذا أن يدل على استثقال الهمزة الواقعة بين ألفين في" خطايا" و" مطايا" فلذلك قلبوها ياء.
وقوله : " ولا يبدّلون لأن الاسم قد يجري في الكلام" إلى قوله : " كالهمزة التي تكون في كلمة واحدة".
يعني : لا يبدلون من الهمزة في" كسا آن" ، و" رأيت كساء" ، ياء من قبل أن" كسا آن" ، و" رأيت كساء" ، قد يفارق الألف الأخيرة فيقال : " هذا كساء" ، فلما كانت الألف التي بعد الهمزة تفارقها لم يجب أن تبدل من الهمزة ياء.
هذا معنى قوله : " فلا تلزق الألف الآخرة بهمزتها"
يعني : همزة" كسا آن" ، و" رأيت كساء" ، ثم رجع إلى" خطايا" و" مطايا".
قال : " فلما كان ذا من كلامهم أبدلوا مكان الهمزة التي تكون قبل الآخرة ياء.
يعني : لما كان من كلامهم تخفيف الهمزة وجعلها بين بين في" كسا آن" و" رأيت كساء" لسبب وقوعها بين ألفين لا تلزم الثانية منها ، جعلوا مكان الهمزة في" خطاءا" و" مطاءا" ياء لوقوعها بين ألفين لازمين.
وأنشد سيبويه في تخفيف الأولى من الهمزتين إذا اجتمعتا :
* كلّ غرّاء إذا ما برزت |
|
ترهب العين عليها والحسد (١) |
فحقق الأولى وخفف الأخيرة ، وعلى هذا قراءة نافع (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨] ، و (يا زَكَرِيَّا إِنَّا) [مريم : ٧].
قال : " وقد يجوز في ذلك كله البدل حتى يكون قياسا إذا اضطر الشاعر"
يعني : أن كل همزة متحركة إذا كان قبلها فتحة جاز قلبها ألفا في الشعر وإن لم يكن مسموعا في الكلام.
وإن كانت مضموما ما قبلها ، جاز قلبها واوا.
وإن كان مكسورا ، جاز قلبها ياء.
وأنشد للفرزدق :
* راحت بمسلمة البغال عشيّة |
|
فأرعي فزارة لا هناك المرتع (٢) |
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ١٦٧ ، شرح السيرافي ٥ / ١٠ ، شرح المفصل ٩ / ١١٨.
(٢) ديوان الفرزدق ٢ / ٥٠٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ١٧٠ ، المقتضب ١ / ١٦٧ ، الكامل ٢ / ١٠٠ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٦٤.