تقدمت العلة قلب أشياء والاختلاف فيها.
قال سيبويه : " وزعم يونس عن رؤبة أنّه قال : ثلاث أنفس على تأنيث النفس كما يقال : ثلاث أعين للعين من الناس ، وكما يقال : ثلاث أشخص في النساء".
قال الشاعر وهو رجل من بني كلاب :
* وإنّ كلابا هذه عشر أبطن |
|
وأنت برىء من قبائلها العشر (١) |
يريد : " عشر قبائل" ؛ لأنه يقال : للقبيلة بطن من بطون العرب. ومعنى قوله : " وأنت بريء من قبائلها" :
كأنه يخاطب رجلا ادّعى نسبه في بني كلاب ، فعدد هذا الشاعر بني كلاب فلم يجد له نسبا فيهم فبرأه منهم.
وأنشد للقتال الكلابي :
* قبائلها سبع وأنتم ثلاثة |
|
وللسّبع خير من ثلاث وأكثر (٢) |
فقال : وأنتم ثلاثة ، فذكر على تأويل ثلاثة أبطن وثلاثة أحياء ، ثم ردها إلى معنى القبائل ، فقال : وللسبع خير من ثلاث ، على معنى : ثلاث قبائل.
وأنشد لعمر بن أبي ربيعة :
* فكان نصيري دون من كنت أتقي |
|
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر |
فأنت" الشخص" لأن المعنى : ثلاث نسوة.
يصف أنّه توارى بمحبوبته وأختيها لئلا يشعر به القوم.
ويروي : " فكان مجنى" ، والمجّن : التّرس. والكاعب : التي كعب ثديها ، أي نهد وتربع.
والمعصر : التي بلغت عصر شبابها. فاعلمه.
هذا باب ما لا يحسن أن تضيف إليه الأسماء
التي تبيّن بها العدد
اعلم أن حق العدد أن يبين بالأنواع لا بالصفات لاشتراكها في الموصوفات. فلذلك لم يحسن أن تقول : ثلاثة قرشيين وليس إقامة الصفة مقام الموصوف بالمستحسنة في كل موضع ، وربما جرت الصفة لكثرتها في كلامهم مجرى الموصوف فيستغنى بها لكثرتها عن الموصوف كقولك : مررت بمثلك ، ولذلك قال الله عز وجل (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) [الأنعام : ٦٠] ، أي : عشر حسنات أمثالها.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ١٧٤ ، معاني القرآن ١ / ١٢٦ ، المقتضب ٢ / ١٤٦ ، الأشباه والنظائر ٣ / ٥١ ، الهمع ٢ / ١٩٤ ، حاشية الصبان ٤ / ٦٣ ، المقاصد النحوية ٤ / ٤٣٤
(٢) ديوانه ٥٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ١٧٥ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٧٠ ، الإنصاف ٢ / ٧٧٢.