ومعنى عسل : عدا واضطرب ، وهو يصف رمحا يهتز متنه فجعل سرعة اهتزازه بمنزلة عسلان الثعلب.
قوله : «ويتعدى إلى ما كان وقتا في الأماكن» إلى قوله : «كما أن ذلك وقت في الأزمان».
يريد أن الفعل يتعدى إلى ما كان مقدر المسافة من الأمكنة نحو : الفرسخ والميل ؛ لأنه يصلح وقوعه على كل مكان بتلك المسافة المعلومة المقدرة.
وسماه «وقتا» ؛ لأن العرب تستعمل التوقيت في معنى التقدير ، وإن لم يكن زمنا. ومن هذا :مواقيت الحج ، فسبيل الفرسخ والميل في المكان كسبيل اليوم والشهر في الزمان.
قوله : «وإنما جعل الزمان أقوى ؛ لأن الفعل بني» إلى قوله : «أنه وقع المصدر»
يريد : أن الزمان في باب الظرف أقوى من المكان من أجل دلالة الفعل على الزمان باللفظ كما كان دليلا على المصدر.
قوله : «والأماكن إلى الأناسي ونحوهم أقرب» إلى قوله : «مكة وعمان».
يعني : أنهم يلقبون الأماكن لقبا تنفرد به ، ولا يفعلون ذلك بالأيام. فأما يوم الجمعة والسبت ونحوه فهو لكل يوم وقع في الأسبوع ذلك الموقع ، وإنما أراد سيبويه قوة ظروف الزمان وشدة إبهامها.
باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين مما يجوز فيه الاقتصار
قوله في هذا الباب : «دعوته زيدا إذا أردت : دعوته التي تجري مجرى سميته».
اعلم أن الدعاء في الكلام على ثلاث معان :
ـ أحدهما : التسمية.
ـ والآخر : أن تستدعيه إلى أمر يحضره
ـ والثالث : في معنى المسألة لله عز وجل.
فالدعاء بمعنى التسمية يجري مجرى التسمية ، تقول : دعوت أخاك زيدا ويزيد ، كما تقول : سميت أخاك زيدا ويزيد ، وهو الذي يدخل في هذا الباب دون معنى الاستدعاء إلى أمر ، ولذلك قال :
«وإن عنيت الدعاء إلى أمر لم يجاوز مفعولا».
ألا ترى أنك لا تقول : استدعيت أخاك بزيد.
وأنشد لعمرو بن معدي كرب.
* أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نشب (١) |
__________________
(١) ديوان العباس بن مرداس ٣١ ، الكامل ١ / ٣٣ ، شرح النحاس ٢٥ ، شرح شواهده ٢ / ٧٢٧.