كقولهم : ضحيّة للمذكر والأنثى ، ويجوز أن يقال ذلك من قبل أن يضحى به ، وذبيحة فلان لما قد اتخذه للذبح.
وقولهم : بئس الرميّة الأرنب.
أي : الشيء الذي يرمي ، وسواء رمى أو لم يرم ، والعلة فيه : أن ما قد حصل فيه الفعل يذهب به مذهب الأسماء ، وما لم يحصل فيه الفعل ذهب به مذهب الصفات فأنث لأنه كالمستقبل ، ألا ترى أنك تقول : " امرأة حائض" ، فإذا قلت : حائضة غدا لم يحسن فيه غير الهاء. وتقول : " زيد مائت غدا" فتجعل فاعلا جاريا على فعلة ، وحمل المذكر على المؤنث لأن أكثر ذلك مؤنث.
قال وقالوا : " عقيم وعقم شبهوه بجديد وجدد".
وعقيم : " فعيل" في معنى" مفعوله" ولكنهم شبّهوه بجديد وجدد في معنى فاعل على ما دل عليه كلام سيبويه. وبعض الناس يجعل جديدا في معنى مفعول ، ويقال : جد الشيء : إذا قطع ، وجدّ الحائك الثوب : إذا قطعه. واستدل أيضا بأنه يقال : ملحفة جديد كما يقال : امرأة قتيل.
وقال المحتج عن سيبويه : إنّه قد يتفق لفظ المؤنث والمذكر في الشيء الذي يكون فيه إدخال الهاء على المؤنث ، كقولهم للرجل : صديق ، وللمرأة : صديق وكقولهم ميت للرجل والمرأة ، وإن كان باب فيه ميتة.
قال : " وقالوا : طلحت الناقة ، وناقة طليح شبّهوها بحسير ؛ لأنها قريبة من معناها" إلى قوله : ولكن المعنى أنّه فعل بها : يعني قولهم : طلحت الناقة ، ومعناها : أعيت ، يوجب أن يقال : طليحة كما قالوا : مرضت فهي مريضة وسقمت فهي سقيمة ، ولكنه لما كان الإعياء شيئا يصيب الإنسان من غير شهوة ولا اختيار. شبه بالفعل الذي لم يسم فاعله ، فأشبهت : جرحت فهي جريح وما أشبه ذلك.
وأنشد في جمع" فاعل" على" فواعل" ضرورة للفرزدق :
* وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم |
|
خضع الرّقاب نواكسي الأبصار (١) |
أراد : " نواكسين" على جمع الجمع ، ثم حذف النون للإضافة.
هذا باب بناء الأفعال التي هي أعمال
اعلم أن هذا الباب وما يتلوه إلى باب الإمالة يذكر سيبويه فيها المصادر واختلافها وما يتعلق بالفعل من أبنية الفاعلين والمفعولين وغير ذلك بأبنيته.
__________________
(١) ديوان الفرزدق ١ / ٣٧٦ ، المقتضب ١ / ١٢١ ، ٢ / ٢١٩ ـ الكامل ٢ / ٨٥ ، شرح السيرافي ٥ / ٤٩ ، شرح ملحة الإعراب ٢٣٦ ، شرح المفصل ٥٧٥ ، الخزانة ١ / ٢٠٤ ، اللسان نكس ٦ / ٢٤١ ، خضع ٧٤٨.