نحو وعد يعد ، وليس ذلك في فعل يفعل مثل : وضؤ يوضؤ.
فإن قال قائل : لم لم تعتل الواو هنا فتحذف استثقالا لوقوعها بين ياء وضمة وهي أثقل من وقوعها بين ياء وكسرة؟
قيل له : أتموا هذا الباب لأنه لزم طريقا واحدا لا يمكن فيه التغير في وزنه ؛ لأن فعل يطرد مستقبله على يفعل ولا يتخلف. وأما باب وعد ووزن فهو على" فعل" و" فعل" يجيء مستقبله على يفعل فاقتصروا في وعد وما أشبهه على يفعل ، فكان ذلك تغييرا لفعل ، فحملهم التغيير في ذلك أن حذفوا الواو أيضا استثقالا لها ، فكأنهم أتبعوا التغيير ، وهذا الطريق يسلكه سيبويه.
فإن قال قائل : قد تقع الواو بين ياء وكسرة في مثل" يوقن" و" يوصل" فهلا حذفت؟ فالجواب فيه كالجواب في" فعل"" يفعل" و" يفعل" ، أن مستقبل أفعل لا يتغير عن يفعل كما أن مستقبل فعل ، لا يتغير عن يفعل ومع ذلك فإن الواو الساكنة إذا كان قبلها ضمة فهي كالإشباع للضمة والاستثقال لها أقل.
وقد ذكر سيبويه أن من العرب من يقول : يجد وذلك قليل.
وحذفوا الواو من يجد لأن الأصل فيه يوجد فسقطت الواو من أجل ذلك.
وأما ما كانت فاؤه ياء ، فإنه جاء سالما ؛ لأن الياء أخفّ من الواو ، وقد شذ حرف واحد ، قالوا : يئس يئس ، والأصل فيه ييئس فسقطت الياء لوقوعها بين ياء وكسرة كسقوط الواو في يزن ويعد.
هذا باب افتراق فعلت وأفعلت في المعنى
مذهب سيبويه أن" أفعلته" الذي للنقل معناه جعلته فاعلا للفعل الذي كان له ، أي : صيرته فاعلا ، أي : جعلت فيه ذلك الفعل. فإذا قلت : أدخلته ، فمعناه جعلته داخلا ، وإذا قلت : ضربته فمعناه جعلت فيه ضربا ، ولذلك فرق بين فتنت الرجل وأفتنته. فمن قال فتنته أراد جعلت فيه فتنة ، ومن قال أفتنته أراد جعلته فاتنا ، يقال : فتن الرجل فهو فاتن.
قال : ومثل ذلك : سودت ... وسدت غيري ، أي سودته.
قال نصيب :
* سودت فلم أملك سوادي وتحته |
|
قميص من القوهيّ بيض بنائقه (١) |
وقال بعضهم : " سدت : يريد فعلت"
تحصيل هذا أنّه يقال : اسواددت ، واسوددت ، وسودت ، وسدت بمعنى واحد ، وذلك
__________________
(١) ملحقات ديوانه ٦٩ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٣٤ ، أمالى القالى ٢ / ٨٨.