هذا شاهد لقوله : اخترت الرجال زيدا.
وواحد الزعازع : زعزع وزعزع وزعزوع ، وهي التي تزعزع لشدتها.
وأنشد للفرزدق أيضا :
* نبئت عبد الله بالجو أصبحت |
|
كراما مواليها لئيما صميمها (١) |
أراد «بعبد الله» : القبيلة ، فلذلك أنث «مواليها» و «صميمها».
وصميمه كل شيء : خالصه. واستشهد به لما قدم من حذف «عن».
وقد أنكر قوم هذا فقالوا : نبئت زيدا فعل كذا ، بمعنى : أعلمت زيدا فعل كذا. ونحن إذا قلنا هذا لم تكن. «عن» مقدرة ، فكذلك هي غير مقدرة في نبئت عبد الله.
والجواب في هذا : أن «نبئت» وإن كانت تجري مجرى أعلمت في العمل ويتقارب معناهما ، فليست هي أعلمت ؛ لأن «نبئت» مأخوذ من النبأ ، وهو الخبر لا العلم بإجماع أهل اللغة.
والخبر يتعدى «بعن» ألا ترى أنك تقول : هذا خبر عن زيد ، إذا أخبرك به مخبر عنه.
فأصل النبأ أن يتصل ب «عن» ، وإن حذفت في بعض المواضع.
باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين مما لا يجوز فيه الاقتصار
اعلم أن الأفعال التي يشتمل عليها هذا الباب ، إنما هي أفعال من القلب تدخل على مبتدأ وخبر ليتيقن اليقين في الخبر أو الشك والاعتماد بهذه الأفعال على المفعول الثاني. وإنما كان كذلك ، لأنك إذا قلت : «زيد منطلق» فإنما تفيد المخاطب انطلاقه الذي لم يكن يعرفه ، لا ذاته التي قد عرفها. فكذلك إذا قلت : «حسبت زيدا منطلقا» ، فالشك في انطلاقه لا في ذاته. وهذان الاسمان ـ وإن كان الاعتماد على الثاني ـ فلا بد من ذكر الأول ليعلم صاحب القصة المشكوك فيها أو المتيقنة. ولا بد من ذكر الثاني ؛ لأنه المعتمد عليه في اليقين أو الشك.
فقد صح أنه لا يجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر.
واعلم أن حروف الجر إذا اتصلت بها هذه الأفعال ، فهي بمنزلة الظروف كقولك : ظننت بزيد ، وظننت في الدار ، أي وقع ظني في هذا المكان ، كما تقول : ظننت يوم الجمعة ، وظننت خلفك.
باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين
اعلم أن هذا الباب منقول من الباب الذي قبله وذلك أن الباب الذي قبله كان متعديا إلى مفعولين ولا يجوز الاقتصار على أحدهما. فنقلت الفعل عن الفاعل إلى من أدخله في فعله ،
__________________
(١) شرح السيرافي ٢ / ٢٦١ ، شرح النحاس ٢٤ ، أوضح المسالك ١ / ٣٨٣.