وأما قولهم : " أريته إرآءة" فليس من هذا الباب لأنه لم يعتل عين الفعل فيه ، ولكنه دخله النقص لتليين الهمزة وإلقاء حركتها على الراء فعوض الهاء منها.
قال سيبويه : " ولا يجوز حذف الهاء في تجزئة وتهنئة ، وتقديرهما : تجزعة وتهنعة ولأنهم ألحقوهما بأختيهما من بنات الياء والواو.
قال المبرد : الإتمام على تفعيل في ما كان مهموزا أجود وأكثر ، فتقول : هنأته تهنيئا وتهنئة ، هذا قول زيد وجميع النحويين.
وقال بعضهم : إن سيبويه ما أراد ما قال المبرد من الإتيان بالمصدر على التمام ، وإنما أراد أنّه لا يجوز حذف الهاء من الناقص من تفعلة كما جاز في" إقام" ، لا تقول : جزّأته تجزئا ، وهنّأته تهنئا.
والدليل على ذلك أن سيبويه قال في باب المفعول الذي يتعدى فعله إلى" مفعولين" : " ونبّئت تنبيئا".
ولو كان ذلك لا يجوز عنده ، ما استعمله.
هذا باب يكثّر فيه المصدر من فعلت
فتلحق الزوائد ويبنى بناء آخر
اعلم أن سيبويه يجعل التفعال تكثيرا للمصدر الثلاثي فيصير : التهدار بمنزلة : الهدر الكثير ، والتلعاب بمنزلة : اللعب الكثير.
وكان الفرّاء وأصحابه يجعلونه بمنزلة التفعيل ، ويجعلون الألف عوضا من الياء ، فيقولون : التكرار والترداد بمنزلة : التكرير والترديد.
والقول ما قاله سيبويه ؛ لأنهم يقولون : التلعاب ولا يقولون : التلعيب.
وبين أن التبيان والتلقاء ليسا بجاريين على الفعل ، ولو كانا كذلك ، لفتح أولهما. وإنما هما اسمان وضعا موضع المصدر.
وأنشد للراعي :
* أمّلت خيّرك هل تدنو مواعده |
|
فاليوم قصّر عن تلقائك الأمل (١) |
يريد عن لقائك :
والمصادر كلها على" تفعال" بفتح التاء ، وإنما تجيء تفعال في الأسماء وليس بالكثير.
وقد ذكر بعض أهل اللغة منها ستة عشر حرفا منها :
__________________
(١) ديوانه ١١٢ ، شرح النحاس ٣٣٠ ، شرح السيرافي ٦ / ١٥٥ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٤١ ، المقاصد النحوية ٢ / ٣٣٦ ، اللسان ١٥ / ٢٥٤.