فصار الفاعل مفعولا واجتمع فيه ثلاثة مفعولين.
وهذا الباب يشتمل على ثلاثة أضرب.
ـ منها ما كان متعديا إلى مفعولين لا يجوز الاقتصار على أحدهما ، وهذا الضرب في فعلين من الأفعال التي في الباب المتقدم قبل هذا وهما : أرى وأعلم وهما منقولان من : رأى وعلم.
وكان الأخفش يقيس عليها أخواتها ، فيقول : أظن زيد عمرا منطلقا ، وما أشبه ذلك ، وغيره لا يتجاوز ما قالت العرب.
ـ والضرب الثاني : ما كان في معنى الخبر ، والتقدير فيه :
«عن» وهو في خمسة أفعال : نبأت وأنبأت ، وخبرت وأخبرت ، وحدثت ، كقولك : أخبرت أباك زيدا منطلقا. وحدثت عمرا بكرا أخاك.
وهذان الضربان ، المفعول الثالث فيهما خبر عن المفعول الثاني ، ولا يجوز ذكر أحدهما دون الآخر ، ويجوز الاقتصار في هذين الضربين على المفعول الأول ؛ لأنه بمنزلة الفاعل : يجوز أن يقتصر عليه.
فأما قول سيبويه : لا يجوز أن تقتصر على مفعول واحد دون الثلاثة.
فإن معناه لا يحسن ، ألا ترى إلى قوله : «لأن المفعول ههنا كالفاعل في الباب الذي قبله».
ويجوز الاقتصار على الفاعل في الباب الذي قبله.
ـ والضرب الثالث : ما يكون متعديا إلى مفعول أو مفعولين ، ثم يتعدى إلى الظرف فيجعل الظرف مفعولا على سعة الكلام فيقال : «سرق عبد الله زيدا الثوب الليلة».
فزيدا هو المفعول الأول وقد سقط منه حرف الجر. و «الثوب» هو المفعول الصحيح.
و «الليلة» ظرف جعلت مفعولا على السعة.
قال سيبويه في «الليلة» : «لا تجعله ظرفا ، ولكن كما تقول : يا سارق الليلة زيدا الثوب».
يريد أنك إذا قلت : يا سارق الليلة ، فقد جعلتها مفعولا على السعة لا غير ، فأضفت إليها اسم الفاعل كما تقول : يا ضارب زيد.
فإن قال قائل : لم جاز أن تكون «الليلة» ظرفا إذا لم تضف إليها ، ولا يجوز أن تكون ظرفا إذا أضفت إليها؟.
قيل : معنى الظرف : ما كانت فيه «في» محذوفة : فإذا ذكرنا «في» أو حرفا من حروف الجر ، فقد زال عن ذلك المنهاج ، فإذا أضفنا إليه ، فقد صارت الإضافة بمنزلة حروف الجر ، فخرج أن يكون ظرفا.