لما كانت عين الفعل فيه قد تتحرك في كععن ويكععن ، صار بمنزلة صنعن ويصنعن ، وخالفت باب جئت من ذوات الواو والياء لأنهما لا يتحركان إلا إذا كانتا عينين ، فاعرفه.
هذا باب الحروف الستة إذا كان واحد منها عينا
اعلم أن حروف الحلق لما أثرت في يفعل إذا كان واحد منها في موضع عين الفعل ولامه ، فجوزت أن يصير على يفعل ما حقه أن يجيء على يفعل أو يفعل جعلت في فعل وفعيل ـ مجوزة ـ تغيير ذلك وإن اختلف التغييران وذلك أن حكمها في يفعل أن يفتح ما ليس حقه الفتح ، وفي هذا أن تكسر ما ليس حقه الكسر ؛ لأن الفاء في فعل وفعيل ـ في الأصل ـ مفتوحة ، وإنما جاز كسرها في فعل وفعيل من أجل حرف الحلق ، فكسر إتباعا للثاني ، ولأن الكسر قريب من الفتح ، والياء تشبه الألف فأتبعوا الأول ـ في الكسر الثاني ، كما يتبعون الأول الثاني في الإدغام.
وأهل الحجاز لا يغيرون ذلك ، ويأتون به على أصله.
قوله : وسمعت بعض العرب يقول : بيس ، فلا يحقق الهمزة ... كما قالوا : شهد ، فخففوا وتركوا الشين على الأصل.
يريد أن الهمزة قد يترك تحقيقها ولا يتغير كسر الأول وكذلك شهد ، وإنما كسرت الشين لكسرة الهاء في الأصل ، فلما سكنت الهاء لم تغير كسرة الشين لأن النية كسر الهاء وتحقيق الهمزة ، وإن كان لحقها هذا التخفيف.
قوله : " وقالوا في حرف شاذ : أحبّ ونحب شبهوه بقولهم من إلى قوله : " كما أن يدع ويذر على ودعت ووذرت وإن لم يستعمل".
اعلم أن في يحب قولان : أحدهما : ما قال سيبويه في هذا الفصل ، أن أصله : حب وإن لم يستعمل ، وكان حقه على تقديره أن يقال : يحبّ بفتح الياء لكنه أتبع الياء الحاء.
وقال غيره : يحب بالكسر أصله يحبّ من قولك : أحبّ يحبّ ، وشذوذه : أنّهم أتبعوا الياء المضمومة الحاء كما قالوا : مغيرة.
وهذا القول أقوى لأن الكسرة بعد الضمة أثقل وأقل في الكلام. فالأولى أن يظن أنّهم اختاروا الشاذ عدولا عن الأثقل.
ومن حجة سيبويه أنّهم قالوا : يئبي ، والأصل يأبى ، فقد كسروا المفتوح.
وإنما كسروا المفتوح في يئبي وحق الكسر أن يكون في أوائل يفعل مما ماضيه على فعل إذا كان الأول تاء أو نونا أو ألفا ، ولا تدخل الكسرة على الياء تقول في علم : أنت تعلم ، وأنا إعلم ، ونحن نعلم.
ولا يقولون : زيد يعلم ، فصار يئبي شاذّا من وجهين :