قوله : وكل شيء من تفعلت أو تفاعلت أو تفعللت يجري هذا المجرى إلى قوله : وهو بمنزلة انفتح وانطلق ولكنهم لم يستعملوه استخفافا.
يريد : أنّه يجوز أن تقول في مستقبل تدحرج وتعالج وتمكن : تتدحرج وتتمكن وتتعالج ؛ لأنه كان الأصل في ما زاد على الأربعة من الأفعال الثلاثية أن يكون فيها ألف وصل ، فحملت كسرة هذه الأفعال على كسرة ما في أوله ألف وصل.
قوله : ومثل ذلك قولهم : تقى الله رجل ، ثم قال : يتقى الله ، أجروه على الأصل ، وإن كانوا لم يستعملوا الألف حذفوها والحرف الذي بعدها.
قد تقدم القول في هذا وذكر الاختلاف فيه.
وإنما أراد سيبويه أنّهم قالوا في المستقبل : يتقى ، وإن كان الماضي تقى لأن أصل تقى : اتّقى ، فردوا إلى أصل اتّقي ، فقالوا : يتقى ، واحتج بهذا الشيء وقدمه قبله.
قوله : ولم يريدوا تفريقا بين معنيين كما أردت ذلك في فعل.
حين قالوا : تفعل في مستقبله ، فرقوا بهذه الكسرة بين ما كان ماضيه على فعل وبين ما كان ماضيه فعل ، فقالوا : تعلم ولم يقولوا : تذهب ، فاعلمه.
هذا باب ما يسكّن استخفافا وهو في الأصل عندهم متحرك
ذكر في هذا الباب قول العرب في مثل : " لم يحرم من فصد له"
ومعنى هذا أنّهم كانوا عند عوز الطعام يفصدون البعير ليشرب الضيف من دمه فيمسك جوعه.
وأنشد لأبي النجم :
* لو عصر منه البان والمسك انعصر (١)
يريد : " عصر" فحذف الكسرة تخفيفا.
وأبو النجم من بكر بن وائل ، وهذه اللغة كثيرة في تغلب وهو أخو بكر بن وائل.
وسائر الباب مفهوم إن شاء الله.
هذا باب ما أسكن من هذا الباب الذي
ذكرنا وترك أول الحرف على أصله
قوله في هذا الباب : ومثل ذلك غزى الرجل إلى قوله : كما أن الذي خفف ، الأصل
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٥٨ ، شرح النحاس ٣٣٢ ، شرح السيرافي ٦ / ٢٣٧ ، المنصف ١ / ٢٤ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١١٠ ، الإنصاف ١ / ١٢٤ ، اللسان فصد ٣ / ٣٣٦ ، عصر ٤ / ٥٨١.